صفا له شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك ، إني وقد كنت طلبت الى عائشة إذا مت أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت نعم. وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء فاذا أنا مت فأطلب ذلك منها فان طابت نفسها فادفني في بيتها ، وما أظن القوم إلا سيمنعونك إذا أردت ذلك ، فان فعلوا فلا تراجعهم فى ذلك ، وادفني في بقيع الغرقد فان لي فيمن فيه أسوة » (١).
وقد اشتملت هذه الوصية على الحط من كرامة أمير المؤمنين (ع) وانتقاصه ، وهذا لا يتفق مع سيرة الإمام الحسن بحال من الأحوال ولكن فى التأريخ صورا هزيلة أثبتت لأغراض غير خفية على النبيه.
ومشى الموت الى الإمام عليهالسلام فعلم انه على أبواب الآخرة ، فأمر قنبرا أن يحضر أخاه محمد بن الحنفية ، فمضى إليه مسرعا فلما رآه محمد ذعر فقال :
« هل حدث إلا خير؟ »
فأجابه بصوت خافت : « أجب أبا محمد ».
فذهل محمد واندهش وخرج يعدو حتى انه لم يسو شسع نعله من كثرة ذهوله ، فدخل على أخيه وهو مصفر الوجه قد مشت الرعدة بأوصاله فالتفت عليهالسلام له :
« اجلس يا محمد ، فليس يغيب مثلك عن سماع كلام تحيى به الأموات
__________________
(١) الاستيعاب ١ / ٣٧٥ ، تاريخ الخميس ٢ / ٢٢٧.