حينئذ ، فدخل عليها الامام فرآها متزينة فقال لها : « ما هذا؟ » فقالت له : « خفت أن أتزين وأتصنع فتقول النساء تجملت فلم تر عنده شيئا ، فأما وقد رزقت ولدا فلا أبالي » ، وبقيت عنده إلى أن توفي (ع) فجزعت عليه جزعا شديدا فقال لها أبوها مسليا :
نبئت خولة أمس
قد جزعت |
|
من أن تنوب
نوائب الدهر |
لا تجزعي يا خول
واصطبري |
|
إن الكرام بنوا
على الصبر (١) |
وذكرت السيدة زينب بنت علي العاملية في ترجمة خولة ما حاصله انها لما بلغت مبالغ النساء خطبها جملة من وجهاء قريش وأشرافهم فأمتنع أبوها من إجابتهم لأنهم ليسوا بأكفاء لها ، ثم انه طلق امها مليكة بنت خارجة فتزوجها من بعده طلحة بن عبيد الله ، وتزوج ابنه محمد بخولة فأولدت له ابراهيم وداود وأم القاسم ، وقتل زوجها محمد في واقعة الجمل فخطبها جماعة من الناس فجعلت أمرها بيد الحسن (ع) فتزوجها ، ولما نزح الإمام الى يثرب حملها معه ، فبلغ أباها ذلك ، فأقبل الى مسجد رسول الله (ص) وبيده راية فركزها في المسجد فلم يبق قيسي إلا وانضم تحتها ، وهو يهتف بقومه ويستنجد بهم على أخذ بنته من الامام ، فلما بلغه (ع) ذلك خلى سراحها فأخذها وخرج فجعلت خولة تتوسل به على ارجاعها وتندد بعمله وتذكر له فضل الامام ، فندم على فعله وقال لها : البثي هاهنا فان كان للرجل بك من حاجة سيلحق بك ، فلحقه الامام مع أخيه الحسين ، وعبد الله بن عباس ، فلما انتهوا إليه قابلهم بحفاوة وتكريم وأرجعها الى الامام ، وفي ذلك يقول جبير العبسي :
إن الندى في بني
ذبيان قد علموا |
|
والجود في آل
منظور بن سيار |
_________________
(١) الأمالي للزجاج ص ٧.