العدو الكاشح (١) ، فانه طال ما طويت على هذا كشحك ، وأخفيته في صدرك ، وطمع بك الرجاء الى الغاية القصوى التي لا يورق لها غصنك ، ولا يخضرّ لها مرعاك ، أما والله ليوشكن يا ابن العاص أن تقع بين لحيي ضرغام من قريش ، قوي ممتنع ، فروس ذي لبد ، يضغطك ضغط الرحا للحب ، لا ينجيك منه الروغان (٢) إذا التقت حلقتا البطان » (٣).
لقد كان ابن العاص يتحرى في كل مناسبة انتقاص أهل البيت ، ويعلن عداءه وبغضه لهم وما سبب ذلك إلا لخبث ذاته ، وعدم طهارة انائه ، وقد رأى الامام في الطواف فجعل يشتد نحوه ، فلما انتهى إليه رفع عقيرته :
« يا حسن أزعمت أن الدين لا يقوم إلا بك وبأبيك ، فلقد رأيت الله عز وجل أقامه بمعاوية فجعله راسيا بعد ميله ، وبيّنا بعد خفائه ، أفرضي الله قتل عثمان أم من الحق أن تدور بالبيت كما يدور الجمل بالطحين عليك ثياب كغرقىء البيض (٤) وأنت قاتل عثمان ، والله إنه لألم للشعث وأسهل للوعث (٥) أن يوردك معاوية حياض أبيك ».
فوجّه (ع) إليه سهاما من قوله قائلا :
« ان لأهل النار علامات يعرفون بها ، وهي الالحاد لأولياء الله ، والموالاة لأعداء الله ، والله إنك لتعلم أن عليا (ع) لم يتريب في الأمر
__________________
(١) الكاشح : هو الذي يضمر العداء في نفسه للغير.
(٢) الروغان : الحيلة والمكر.
(٣) المحاسن والمساوي ١ / ٦٥.
(٤) الغرقئ : القشرة المتصلة ببياض البيض ، أو بياض البيض الذي يؤكل.
(٥) الوعث : الأمر الشاق.