٦ ـ ومن مناظراته القيّمة ، ومشاجراته مع خصومه التي حطّم بها كيانهم انه (ع) أقبل الى معاوية فلما بصر به حاجبه أسرع إليه فعرّفه بتشريف الامام ، فالتفت معاوية الى بطانته قائلا.
« إنه إن دخل علينا أفسد ما نحن فيه ».
فقال له مروان : « ائذن له ، فاني أسأله عما ليس عنده جواب ».
فنهره معاوية وقال له : « لا تفعل ، انهم قوم ألهموا الكلام ».
وأذن معاوية للإمام ، فلما دخل قام إليه فرحب به والتفت مروان قائلا باستهزاء.
« أسرع الشيب الى شاربك يا حسن ، ويقال إن ذلك من الخرق » (١)
فأجابه الامام قائلا :
« ليس كما بلغك ، ولكنا معشر بني هاشم طيبة أفواهنا ، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهن ، وأنتم معاشر بني أميّة فيكم بخر شديد (٢) فنساؤكم يصرفن أفواههن ، وأنفاسهن عنكم الى أصداغكم (٣) فانما يشيب موضع العذار من أجل ذلك ».
فغضب معاوية وصاح بأصحابه :
« قد كنت أخبرتكم فأبيتم حتى سمعتم ما أظلم عليكم بيتكم ، وأفسد مجلسكم »
وخرج الامام من عندهم وقد ترك الكمد ملأ نفوسهم وهو يقول :
ومارست هذا
الدهر خمسين حجة |
|
وخمسا أرجى
قائلا بعد قائل |
__________________
(١) الخرق ( بالضم ) ضعف الرأي ، سوء التصرف ، الجهل.
(٢) البخر : الرائحة الكريهة في الفم.
(٣) الأصداغ : جمع ، مفرده صدغ ( بالضم ) وهو ما بين العين والأذن أو الشعر المتدلى على هذا الموضع.