« يا أبا محمد ، إني أظنك تعبا نصبا فأت المنزل فأرح نفسك فيه ».
وخرج الإمام من عنده ، والتفت معاوية الى عبد الله بن الزبير مغريا له :
« لو افتخرت على الحسن ، فانك ابن حواري رسول الله (ص) وابن عمته ، ولأبيك في الإسلام نصيب وافر ».
فانخدع ابن الزبير بمقالة معاوية فأظهر له الاستعداد على مطاولة الإمام ومفاخرته قائلا :
« أنا ، له ».
وانصرف ابن الزبير وقد انفق ليله ساهرا وهو يفكر بما ذا سيوصم به الإمام؟ فلما أصبح جاء يشتد الى مجلس معاوية ليطاول الإمام ويعتدي عليه حتى يرضي عواطف معاوية ، وأقبل الامام (ع) فقام إليه معاوية واحتفى به ، ولما استقر به المجالس اندفع ابن الزبير قائلا :
« لو لا انك خوار في الحرب غير مقدام ما سلمت لمعاوية الأمر ، وكنت لا تحتاج الى اختراق السهوب (١) ، وقطع المفاوز ، تطلب معروفه وتقوم ببابه ، وكنت حريا أن لا تفعل ذلك وأنت ابن علي فى بأسه ونجدته فما أدري ما الذي حملك على ذلك؟ أضعف في الرأي أم وهن نحيزة (٢) فما أظن لك مخرجا من هاتين الخلتين ، أما والله لو استجمع لي ما استجمع لك لعلمت أني ابن الزبير ، وإني لا أنكص عن الأبطال ، وكيف لا أكون كذلك وجدتي صفية بنت عبد المطلب ، وأبي الزبير من حواري رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأشد الناس بأسا ، وأكرمهم حسبا فى الجاهلية ،
__________________
(١) السهوب : جمع ، مفرده سهب ، وهو الأرض البعيدة.
(٢) النحيزة : الطبيعة.