أمر الدنيا. وللدنيا أعمل وأنصب ، ما كان معاوية بأبأس مني بأسا ، وأشد شكيمة ، ولكان رأيي غير ما رأيتم ، ولكني أشهد وإياكم أني لم أرد بما رأيتم إلا حقن دمائكم ، وإصلاح ذات بينكم ، فاتقوا الله وارضوا بقضاء الله ، وسلموا الأمر لله ، والزموا بيوتكم ، وكفوا أيديكم ، حتى يستريح بر ، أو يستراح من فاجر ، مع ان أبي كان يحدثني أن معاوية سيلي الأمر ، فو الله لو سرنا إليه بالجبال والشجر ما شككت أنه سيظهر إن الله لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ، وأما قولك : يا مذل المؤمنين. فو الله لأن تذلوا وتعافوا أحب إلي من أن تعزوا وتقتلوا ، فان رد الله علينا حقنا فى عافية قبلنا ، وسألنا الله العون على أمره وان صرفه عنا رضينا وسألنا الله أن يبارك في صرفه عنا فليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس بيته ، ما دام معاوية حيا ، فان يهلك ونحن وأنتم أحياء سألنا الله العزيمة على رشدنا ، والمعونة على أمرنا ، وأن لا يكلنا الى أنفسنا ، فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. » (١)
لقد أمر الامام شيعته بالخلود الى الصبر والسكون ما دام معاوية في قيد الحياة ، وعلل صلحه بأمور تقدم بيانها بالتفصيل.
وعبد الله بن الزبير وغد خبيث عرف بالبغض والعداء لآل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد عاب على الامام صلحه مع معاوية ، فأجابه (ع) قائلا :
« وتزعم أني سلمت الأمر ، وكيف يكون ذلك ـ ويحك ـ كذلك وانا ابن أشجع العرب ، وقد ولدتني فاطمة سيدة نساء العالمين ، لم أفعل
__________________
(١) المحاسن والمساوئ للبيهقي ١ / ٦٠ ـ ٦٥.