واعتنى الاسلام بالخلافة (١) اعتناء بالغا فأناط بها المسئوليات الضخمة فجلها مسئولة عن نهضة المسلمين وتطوهم وانطلاقهم في ميادين العلم ، وتوجيههم نحو الخير وابعادهم عن مسالك الضلال والفساد ، والعمل على ايجاد الوسائل السليمة لأسباب قوتهم ورخائهم ، كما أوكل إليها حراسة الدين والحفاظ على شئونه ، وصيانة مثله فهي المحور الذي تدور عليه سياسته وسائر شئونه.
إن حقيقة الاسلام وفكرته شاملة لجميع المناحي الدينية والسياسية فقد الف بينهما وحدة متسقة وجعلهما كلا لا يتجزأ ، وقد ادرك هذه الحقيقة جمهور كبير من علماء المستشرقين يقول بعضهم :
( إن الاسلام ليس ظاهرة دينية فقط ، وانما اتى بنظام سياسي ذلك ان مؤسسه كان نبيا وكان حاكما مثاليا خبيرا بأساليب الحكم. )
وقال جيت : ( ان الاسلام لم يكن مجرد عقائد دينية فردية ، وانما استوجب اقامة مجتمع مستقل له أسلوبه المعين في الحكم وله قوانينه وانظمته الخاصة به. ) (٢)
إن الخلافة ترتبط بالاسلام ارتباطا وثيقا فهي جزء من برامجه وفصل من فصوله فلا بد من اقامتها على مسرح الحياة يقول الشيخ محمد عبده :
( الاسلام دين وشرع فقد وضع حدودا ، ورسم حقوقا وليس كل معتقد في ظاهر أمره بحكم يجري عليه في عمله فقد يغلب الهوى وتتحكم
__________________
(١) الخلافة : في الاصل مصدر خلف ، يقال : خلفه في قومه خلافة فهو خليفة ، ومنه قوله تعالى : « وقال موسى لأخيه هارون اخلفنى في قومى » ثم أطلقت في العرف على الزعامة العظمى وهي الولاية العامة على كافة الأمة ، والقيام بأمورها والنهوض بأعبائها.
(٢) النظام السياسي فى الاسلام : ص ١٥.