تتجاوز بايمانك وفهمك مدى المحسوسات المرئية.
كن أول الأمر ماديا وناقش حرب الحسن في جيش حكم على نفسه بالهزيمة ، قبل أن يخوض المعركة ، وغزاه معاوية الذي ثبت لعلي من قبل ولعلي معنوية عسكرية ترجف الأرض من خيفتها ، مضافا الى معنوياته الأخرى التي لم يكن الحس يتمتع بمثلها فى نفوس معاصريه ، بحكم انضوائه الى لواء أبيه.
نعم لك أن تقول كان على الحسن أن يستشهد فيموت عزيزا ، ولكن أعد النظر في تاريخ هذه الفترة لترى أن الاستشهاد فيها ينمسخ الى معنى من معاني ( الخروج ) فلم تكن يومئذ حقيقة وطنية ثابتة ، ولا روح مبدئية مستقرة لتكون التضحية تضحية مقررة القواعد وليس أتفه ـ فى هذه الحال ـ من الموت يعين على صاحبه ويميته مرة أخرى فى معناه.
كانت الحياة الإسلامية تنتكس حقا ، وتتحول الى ملك عضوض وكانت المطامع تتجند في ركاب الملك هاربة من حواشي الخلافة ولكنها كانت ما تزال تحتفظ بوسيلة الإسلام وظاهر مبادئه في ( وصولية ) صاغها معاوية بدهائه ، وكان هذا وحده عذرا للحسن من ناحيتين.
١ ـ كان عذره في الصلح لأن ( الدنيا ) كانت تظاهر معاوية فتستلب منه ابن عمه وقائد عسكره.
٢ ـ ثم كان عذره في القعود عن الشهادة لأن ذلك بعينه ليس ظرف الشهادة ، لأنه كان قادرا على مسخها.
فأي ربح مادي في الموت لو اختاره الحسن كما يريد هؤلاء ، غير انه يعين معاوية على نفسه حيا وميتا.
إننى لا أرى شيئا أدل على عظمة الحسن من هذه السياسة المادية التي