هذه بعض بنود الصلح ، وقد حفلت بعناصر ذات أهمية بالغة دلت على براعة الإمام ، وقابلياته الفذة فى التغلب على خصمه ، يقول سماحة المغفور له آل ياسين فى هذه المعاهدة :
« ومن الحق أن نعترف للحسن بن علي على ضوء ما أثر عنه من تدابير ودساتير هي خير ما تتوصل إليه اللباقة الدبلوماسية لمثل ظروفه من زمانه وأهل زمانه بالقابليات السياسية الرائعة التي لو قدر لها أن تلي الحكم في ظرف غير هذا الظرف ، وفي شعب أو بلاد رتيبة بحوافزها ودوافعها لجاءت بصاحبها على رأس القائمة من السياسيين المحنكين ، وحكام الاسلام اللامعين ، ولن يكون الحرمان يوما من الأيام ، ولا الفشل في ميدان من الميادين بدوافعه القائمة على طبيعة الزمان دليلا على ضعف أو منفذا الى نقد ، ما دامت الشواهد على بعد النظر وقوة التدبير ، وسمو الرأي ، كثيرة متضافرة تكبر على الريب وتنبو عن النقاش.
وللقابليات الشخصية مضاؤها الذي لا يعدم مجال العمل ، مهما حدّ من تيارها الحرمان أو ثنى من عنانها الفشل ، وها هي من لدن هذا الرجل تستجد ـ منذ الآن ـ ميدانها البكر القائم على الفكرة الجديدة القائمة على صيانة حياة أمّة بكاملها في حاضرها ومستقبلها ، بما تضعه المعاهدة من خطوط وبما تستقبل به خصومها من شروط » (١).
__________________
(١) صلح الحسن ص ٢٥٧.