« قدم على عليّ مال من اصبهان فقسمه على سبعة أسهم ، فوجد فيه رغيفا فقسمه على سبعة أقسام ، ودعا امراء الأسباع فأقرع بينهم لينظر أيهم يعطى أولا ... » (١)
إن هذا هو العدل الذي لم تحققه الانسانية فى جميع مراحل تأريخها فانها على ما جربت من تجارب. وبلغت من رقي وابداع في فنون الحكم فانها لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تنشئ نظاما سياسيا تتحقق فيه العدالة الكبرى كهذا النظام الذي وضعه ابن أبي طالب ، وسار على منهاجه أبناؤه من بعده.
الى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض المثل العليا التي ينشدونها أهل البيت فى ظلال الحكم ، ولو أن الامام الحسن (ع) انحرف عنها ، ونهج في سياسته منهج من يعمل للدنيا ، وسلك مسلك من يبغي الملك والسلطان ، فراوغ وداهن ، وأنفق المال في غير محله ، لما آل الأمر الى ابن هند الذي سلك جميع الوسائل في سبيل الوصول الى الحكم ، ولكنه سلام الله عليه آثر صيانة الاسلام ، والحفاظ على مقدراته ومعنوياته ، فسار بسيرة جده وأبيه التي لا تقر كل طريق يتصادم مع الدين.
وبقي هنا شيء ذكره الناقدون للصلح ، وهو عدم استشهاد الامام فقد كان الأجدر به أن يناجز معاوية حتى ينال الشهادة ، كما استشهد أخوه سيد الشهداء الحسين (ع) ، وسنذكر جواب ذلك مشفوعا بالتفصيل عند التحدث عن موقف الامام الحسين عليهالسلام من الصلح.
__________________
(١) الكامل ٨ / ١٧٣.