ذلك ، ويوبخه على ما صدر منه ، وهذا نص ما كتبه إليه :
« أما بعد : يا ابن حنيف فقد بلغنى أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك الى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان ، وتنقل إليك الجفان وما ظننت أنك تجيب الى طعام قوم عائلهم مجفو (١) ، وغنيهم مدعو ، فانظر الى ما تقضمه من هذا المقضم (٢) فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما أيقنت بطيب وجوهه (٣) فنل منه. » (٤).
وأراد الأشعث بن قيس أن يتقرب الى أمير المؤمنين ويتصل به فصنع له حلوى جيدة فقدمها إليه ، ولندعه (ع) يحدثنا عن موقفه تجاه هذا الأمر يقول :
« وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها (٥) ، ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها ، فقلت : أصلة أم زكاة أم صدقة؟ فذلك محرم علينا أهل البيت ، فقال : لا ذا ولا ذاك ، ولكنها هدية ، فقلت : هبلتك الهبول (٦) أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط ، أم ذو جنة ، أم تهجر (٧)؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها
__________________
(١) عائلهم : أي محتاجهم ، مجفو : أي مطرود من البؤس والجفاء.
(٢) المقضم : المأكل.
(٣) بطيب وجوهه : أي بالحل في طرق كسبه.
(٤) نهج البلاغة محمد عبده ٣ / ٧٨.
(٥) الملفوفة : نوع من الحلواء.
(٦) هبلتك ـ بكسر الباء ـ : ثكلتك ، الهبول ـ بفتح الهاء ـ : المرأة لا يعيش لها ولد.
(٧) المختبط : من اختل نظام ادراكه ، تهجر : أي تهذي بما لا معنى له.