سمية. فقال ائتني بها على ذفرها (١) وقذرها » وثار زياد فقطع على أبى مريم شهادته قائلا له بصوت يقطر غضبا :
« مهلا يا أبا مريم ، إنما بعثت شاهدا ولم تبعث شاتما ».
فقال أبو مريم :
« لو كنتم أعفيتموني لكان أحب إليّ ، وإنما شهدت بما عاينت ورأيت ».
ثم استرسل فى بيان شهادته فقال :
« والله لقد أخذ بكم درعها ، وأغلقت الباب عليهما ، وقعدت دهشانا فلم ألبث أن خرج عليّ يمسح جبينه ، فقلت ، مه يا أبا سفيان. فقال : ما أصبت مثلها يا أبا مريم لو لا استرخاء من ثديها ، وذفر من فيها ».
هذه شهادة أبى مريم في فجور سمية وتندى لفضاعتها وخزيها وجه الإنسانية ولكن معاوية ما خجل منها وما أنف ولا استحى ، وكيف يخجل ابن هند من هذه المساوئ والمخازي وهو الذي جر ذيله على الرذائل والخداع كما يقول (٢) حتى صارت الرذيلة عنصرا من عناصره ومقوما من مقوماته.
لقد ألحق معاوية زياد بن أبيه به ليستريح من خصومته ، ويستعين به على تحقيق أهدافه وتدعيم سلطانه.
وأثر استلحاق معاوية لزياد استياء شاملا في نفوس المسلمين ، فقد
__________________
(١) الذفر : الرائحة النتنة.
(٢) التاج للجاحظ ص ١٠٣.