الأعذار فلما قام أخوه الحسين بنصرهم وإجابة سؤالهم وترك المصالحة ليزيد المارق كانوا بين قاتل وخاذل حتى ما عرفنا أنهم غضبوا في أيام يزيد لذلك القتل الشنيع ولا خرجوا عليه ولا عزلوه عن ولايته وغضبوا لعبد الله ابن الزبير وساعدوه على ضلالته وافتضحوا بهذه المناقصة الهائلة وظهر سوء اختيارهم النازلة فهل يستبعد من هؤلاء ضلال عن الصراط المستقيم؟ وقد بلغوا الى هذا الحال السقيم العظيم الذميم » (١).
وعلل السيد رحمهالله صلح الامام ( أولا ) بالعصمة من الخطأ وقاس صلحه بصلح جده الرسول (ص) مع المشركين في قصة الحديبية فكما ان صلح الرسول لا يتطرقه الشك ولا يأتيه النقد نظرا لوجود المصلحة فيه فكذلك صلح الإمام مع خصمه فانه محفوف بالمصلحة العامة لعموم المسلمين و ( ثانيا ) ببلاء الإمام ومحنته بذلك المجتمع الضال الذي لم يقم وزنا للفضيلة ولم يفقه من القيم الروحية شيئا فانه هو الذي اضطر الإمام الى الصلح والمسالمة. وأقام السيد الدليل على تفسخ أخلاق ذلك المجتمع وتماديه في الشر وذلك بمتابعته ليزيد شارب الخمور ، ومعلن الفسق والفجور ، ومناصرته والاشتراك معه في أفظع فظع جريمة سجلها التأريخ وهي قتل سيد شباب أهل الجنة الحسين عليهالسلام ولم يظهر أحد منهم الأسف والحزن على هذه الجريمة ، وما ثاروا عليه ، ولا عزلوه عن منصبه. وقد ذكرنا في الابحاث السالفة الأسباب التي أوجبت هذا الانحطاط الهائل في جموع أهل العراق.
كان معاوية قبل أن يستولي على زمام الحكم ملتزما بتعاليم الإسلام
__________________
(١) كشف المحجة لثمرة المهجة يحتوي على وصايا رفيعة لولده ص ٤٦.