نظر الحسن (ع) الى قول جده (ص) فعلم أن الأمر لا بد أن ينتقل الى معاوية ، ومضافا لذلك فقد أخبره أبوه بذلك كما حدث عنه فقال :
« قال لي أبي ذات يوم : كيف بك يا حسن إذا ولي هذا الأمر بنو أميّة؟ وأميرها الرحب البلعوم ، الواسع الاعفجاج ، يأكل ولا يشبع ، فيستولي على غربها وشرقها ، تدين له العباد ، ويطول ملكه ، ويسن البدع والضلال ، ويميت الحق وسنة رسول الله (ص) ، يقسم المال في أهل ولايته ، ويمنعه عمن هو أحق به ، ويذل في ملكه المؤمن ، ويقوى في سلطانه الفاسق ، ويجعل المال بين أنصاره دولا ، ويتخذ عباد الله خولا ، ويدرس في سلطانه الحق ، ويظهر الباطل ، ويقتل من ناوأه على الحق .. » (١)
إن النبي والوصي قد استشفا من حجاب الغيب ما تمنى به الأمّة الاسلامية من المحن والبلاء بسبب تخاذلها عن مناصرة الحق ومناجزة الباطل وانها من جراء ذلك سيتولى أمرها الأدعياء من الطلقاء وأبنائهم فيسومونها سوء العذاب ، ويستأثرون بمال الله ، ويتخذون المسلمين عبيدا لهم وخولا.
وكان معاوية يعلم بمصير الأمر إليه في زمان أمير المؤمنين (ع) فقد صنع فذلكة استعلم بها منه عما يؤول إليه أمره ، فبعث جماعة من أصحابه الى الكوفة ليشيعون أن معاوية قد مات ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين ، وتكرر حديث الناس حول هذه الاشاعة فقال (ع).
« قد أكثرتم من نعي معاوية ، والله ما مات ، ولا يموتن حتى يملك
__________________
ـ في تأريخ الخلفاء ص ٦ ، وقد تحقق قوله (ص) فان الدين أول بدئه كان نبوة ورحمة ، ثم تحول في زمان الأمويين الى ملك وطغيان وجبرية.
(١) البحار