أن تعود بالصالح العام للمسلمين لأنهم يضفون عليها أصباغا من التمويه والتظليل ما تفقد به معنويتها وأصالتها.
ويسر لمعاوية من الثراء العريض الذي مهدته له بلاد الشام طيلة ملكه لها فانه لم ينفقها فى صالح المسلمين وانما شرى بها الضمائر والاديان ، ليمهد بذلك الطريق الموصل لفوزه بالإمرة والسلطان والتحكم في رقاب المسلمين. لقد وجه معاوية الجباة السود إلى أخذ الضرائب من الشعوب الإسلامية التي احتلها ، وقد عمدوا إلى أخذ أموال المسلمين بغير حق ، حتى بالغوا في إرهاقهم وإرغامهم على أدائها ، كما فرض عليهم من الضرائب ما لا يقره الإسلام كهدايا النيروز وغيرها ، وقد امتلأت خزائنه بها فأنفقها بسخاء على حرب ريحانة رسول الله (ص) والتغلب عليه ، وقد رأى السبط بعد هذه القوى التي ظفر بها ابن هند أنه لا يمكن مناجزته ، ولا الانتصار عليه ، وان الموقف يقضي بالصلح والمسالمة لا بالحرب والمناجزة فانها تجر للأمة من المضاعفات السيئة ما لا يعلم خطورتها إلا الله.
ومن العوامل التي دعت الإمام الى الصلح ما روع به من اغتيال أبيه ، فقد ترك ذلك حزنا مقيما وأسى شديدا في نفسه لأنه قد قتل على غير مال احتجبه ولا سنة في الإسلام غيرها ، ولا حق اختص به دونهم ، وكان يحيى بينهم حياة الفقراء والضعفاء ، ويتطلب لهم حياة حافلة بالنعم والخيرات ، ويسعى جادا فى اقامة العدل ، واماتة الجور ، ونصرة المظلومين واعالة الضعفاء والمحرومين ، فعمدوا على اغتياله وتركوه صريعا في محرابه