وغرس معاوية حبه في قلوب جيشه ، وهيمن على مشاعرهم وعواطفهم فقد عرف ميولهم واتجاههم فسايرها حتى أحبهم وأحبوه وصاروا طوع إرادته وقد اختمر في أذهانهم بسبب دعايته وتمويهه أنه الحجة من بعد الخلفاء ، وان النبي (ص) ليس له وارث شرعي غير بني أمية فقد نقل المؤرخون أن أبا العباس السفاح (١) لما فتح الشام أقبلت إليه طائفة من الزعماء والوجوه فحلفوا له أنهم ما علموا للرسول قرابة ، ولا أهل بيت يرثونه غير بني أمية حنى تولى بنو العباس الخلافة ، وفى ذلك يقول ابراهيم بن المهاجر البجلي (٢) :
أيها الناس
اسمعوا أخبركم |
|
عجبا زاد على كل
العجب |
عجبا من عبد شمس
إنهم |
|
فتحوا للناس
أبواب الكذب |
ورثوا أحمد فيما
زعموا |
|
دون عباس بن عبد
المطلب |
كذبوا والله ما
نعلمه |
|
يحرز الميراث
إلا من قرب (٣) |
ويعود السبب في ذلك إلى الروايات التي تعمد وضعها الرواة المستأجرون وأشاعوها في أوساط دمشق من أن معاوية هو وارث النبيّ وأقرب الناس
__________________
(١) أبو العباس أول خلفاء بني العباس ولد سنة (١٠٨) بالحمية من ناحية البلقاء ، ونشأ بها ، وبويع له بالكوفة في ٣ ربيع الاول سنة (١٣٢) وكان سريعا إلى سفك الدماء ، وسار على منواله عماله بالمشرق والمغرب ، توفى بالجدري سنة (١٣٦) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٠٠.
(٢) ابراهيم بن المهاجر البجلي : هو أبو اسحاق الكوفي روى عن جماعة من الثقات وروى عنه آخرون اختلف فى روايته فقيل إنه ثقة وقيل إنه ضعيف ، تهذيب التهذيب ١ / ١٦٧.
(٣) مروج الذهب ٢ / ٣٣٥.