أنّ النص مكذوب على أبي سعيد ، وإن كثرت أسانيد الرواية عنه ، مع وجود الآفة في بعض رجال الرواة ، كالجريري الذي اختلط وتغيّر حفظه ، ومع ذلك لم يترك ابن علية وابن عدي السماع منه ، بل أقسم ابن عدي فقال : لا نُكذِب الله ، سمعنا من الجريري وهو مختلط. هذا من جهة السند ، ولنلق نظرة عابرة على متنه لنرى مدى صحته ، وهل يسوى سماعه وتحصيله بدرة أو لا يسوى حتى بعرة ؟
فنقول : إنّ صحيح البخاري له مقام عند العامة ، لا يوازيه أيّ كتاب من صحاحهم وغيرها ، حتى قالوا فيه : إنّه أصح كتاب بعد كتاب الله ، وهذا وإن لم نقبله نحن ، ولكن لإلزام ابن كثير وقومه نقول لهم : إنّ بخاريّكم روى بسنده عن الزهري عن عروة عن عائشة خبر مطالبة الزهراء عليهاالسلام في باب غزوة خيبر (١) ـ وقد مرّ ذكره في النص الثاني فماذا عند البخاري فراجع ـ وقد جاء فيه : ( فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي صلىاللهعليهوسلم ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ... ).
وقد بيّنا هناك اقتضاب البخاري ـ ومثله أحمد بن حنبل في مسنده ـ لهذا الخبر ، مع أنّ عبد الرزاق وهو قبلهما ، قد روى الخبر بنفس السند وبصورة أتم ، ومما جاء فيه : قال معمّر : فقال رجل للزهري : فلم يبايعه علي ستة أشهر ؟ قال : لا ، ولا واحد من بني هاشم حتى بايعه علي. ( راجع النص التاسع فيماذا عند عبد الرزاق ).
_____________________
١ ـ صحيح البخاري ٥ : ١٣٩.