على أنّ هذا القول يوجب أن ينفي الشك والنّفاق عن كل من صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعاصره وشاهد أعلامه كأبي سفيان وابنه ، وعمرو بن العاص ، وفلان وفلان ؛ ممّن قد اشتهر نفاقهم ، وظهر شكّهم في الدين وارتيابهم باتّفاق بيننا وبينه ؛ وإن كانت إضافة النّفاق إلى هؤلاء لا تقدح في دلالة الأعلام ، فكذلك القول في غيرهم.
فأمّا قوله : إنّ حديث الإحراق لم يصحّ ، ولو صحّ لساغ لعمر مثل ذلك ؛ فقد بيّنّا أنّ خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة.
وقوله : إنّه يسوغ مثل ذلك ؛ فكيف يسوغ إحراق بيت عليّ وفاطمة عليهماالسلام ! وهل في ذلك عُذْر يصغى إليه أو يسمع ! وإنّما يكون عليّ وأصحابه خارقين للإجماع ومخالفين للمسلمين ؛ لو كان الإجماع قد تقرّر وثبت ، وليس بمتقرّر ولا ثابت مع خلاف عليّ وحده ، فضلاً عن أن يوافقه على ذلك غيره.
وبعد ، فلا فرق بين أن يُهدّد بالإحراق لهذه العلّة ، وبين أن يضرب فاطمة عليهاالسلام لمثلها ؛ فإنّ إحراق المنازل أعظم من ضرب سوط أو سوطين ؛ فلا وجه لامتعاض المخالف من حديث الضّرب إذا كان عنده مثل هذا الاعتذار !
قال ابن أبي الحديد : قلت : أمّا الكلام في عصمة فاطمة عليهاالسلام فهو بفنّ الكلام أشبه ، وللقول فيه موضع غير هذا.
وأمّا قول المرتضى : إذا كانت صادقة لم يبق حاجةٌ إلى مَنْ يشهد لها ؛ فلقائل أن يقول : لم قلت ذلك ؟ ولم زَعمت أنّ الحاجة إلى البينة إنّما كانت لزيادة غلبة الظنّ ؟ ولم لا يجوز أن يكون الله تعالى يُعبّد بالبيّنة لمصلحة يعلمها ؛ وإن كان المدّعي لا يكذب ! أليس قد تعبّد الله تعالى بالعدّة في العجوز الّتي قد أيِست من الحمل ؛ وإن كان أصل وضعها لاستبراء الرحم !
وأما قصّة خُزيمة بن
ثابت ؛ فيجوز أن يكون الله تعالى قد علم أنّ مصلحة المكلّفين في تلك الصورة أن يكتفي بدعوى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحدها ؛ ويستغني فيها عن