ثم قال المرتضى رضياللهعنه : فإن قيل : ليس ما عارض به الجاحظ من الاستدلال بترك النكير ، وقوله : كما لم ينكروا على أبي بكر ، فلم ينكروا أيضاً على فاطمة عليهاالسلام ولا على غيرها من الطالبين بالإرث ، كالأزواج وغيرهنّ معارضة صحيحة ، وذلك أنّ نكير أبي بكر لذلك ، ودفعها والاحتجاج عليها ، يكفيهم ويغنيهم عن تكلّف نكير آخر ، ولم ينكر على أبي بكر ما رواه منكر فيستغنوا بإنكاره.
قلنا : أوّل ما يُبطل هذا السؤال أنّ أبا بكر لم ينكر عليها ما أقامت عليه بعد احتجاجها من التظّلم والتألّم ، والتعنيف والتبكيت ، وقولها على ما روى : والله لأدعونّ الله عليك ، ولا أكلّمك أبداً ، وما جرى هذا المجرى ؛ فقد كان يجب أن ينكره غيره ، ومن المنكَر الغضب على المنصف ، وبعد ، فإن كان إنكار أبي بكر مقنعاً ومغنياً عن إنكار غيره من المسلمين ، فإنكار فاطمة حكمه ، ومقامها على التظلّم منه مغنٍ عن نكير غيرها ؛ وهذا واضح.
القسم الثالث : في أنّ فدك هل صحّ كونها نِحْلَة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة عليهاالسلام أم لا ؟!
نذكر في هذا القسم ما حكاه المرتضى عن قاضي القضاة في ( المغني ) ، وما اعترض به عليه ، ثمّ نذكر ما عندنا في ذلك.
قال المرتضى حاكياً عن قاضي القضاة : وممّا عظمت الشيعة القول في أمر فَدَك ، قالوا : وقد روى أبو سعيد الخدري أنّه لما أنزلت : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) (١) ، أعطى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة عليهاالسلام فَدَك ، ثمّ فعل عمر بن عبد العزيز مثل ذلك ، فردّها على ولدها. قالوا : ولا شكّ أن أبا بكر أغضبها ؛ إن لم يصحّ كل الّذي روي في هذا الباب ، وقد كان الأجمل أن يمنعهم التكرّم ممّا ارتكبوا منها فضلاً
_____________________
١ ـ الإسراء : ٢٦.