قال المرتضى : فأما قوله : فإنّ أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما طلبن الميراث لأنّهنّ لم يعرفنَ رواية أبي بكر للخبر ، وكذلك إنّما نازع عليّ عليهالسلام بعد موت فاطمة عليهاالسلام في الميراث لهذا الوجه ، فمن أقبح ما يقال في هذا الباب ، وأبعدِه عن الصواب !
وكيف لا يعرف أمير المؤمنين عليهالسلام رواية أبي بكر ، وبها دُفعت زوجته عن الميراث ! وهل مثل ذلك المقام الّذي قامته ، وما رواه أبو بكر في دفعها يخفى على من هو في أقاصي البلاد ، فضلاً عمّن هو في المدينة حاضر شاهد يراعي الأخبار ، ويُعنى بها ! إنّ هذا لخروج في المكابرة عن الحدّ !
وكيف يخفى على الأزواج ذلك حتى يطلبنه مرّة بعد آخرى ، ويكون عثمان الرسول لهنّ ، والمطالب عنهنّ ، وعثمان على زعمهم أحد من شهد أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يورث ؛ وقد سمعن على كل حال أنّ بنت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تورث ماله ، ولا بدّ أن يكنّ قد سألن عن السبب في دفعها ، فذكر لهنّ الخبر ، فكيف يقال : إنّهن لم يعرفنه !
قلت : الصحيح أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لم ينازع بعد موت فاطمة في الميراث ، وإنّما نازع في الولاية لِفَدك وغيرها من صدقات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجرى بينه وبين العباس في ذلك ما هو مشهور ، وأما أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فما ثبت أنهنّ نازعن في ميراثه ، ولا أنّ عثمان كان المرسل لهنّ ، والمطالب عنهنّ ، إلّا في رواية شاذة (١).
_____________________
١ ـ أقول : روى البخاري في صحيحه في ( باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهم في آية الرجلين وما أرادوا من الغدر برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) ٥ : ٩٠ ط بولاق بسنده عن عروة .. ان عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم تقول : أرسل أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم فكنت أردهنّ فقلت لهنّ : ألا تتقين الله ؟! ألم تعلمن أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول : ( لا نورث ما تركنا صدقة ) ـ يريد بذلك نفسه ـ إنّما يأكل آل محمّد صلىاللهعليهوسلم في هذا المال ؟ فانتهى أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى ما أخبرتهنّ ....
فهذه رواية البخاري في صحيحه عن عائشة ومع ذلك يصفها ابن أبي الحديد بأنّها رواية شاذة ، ومن يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة.