أحداً من الصحابة لم يتأوّله على هذا الوجه ، فهذا التأويل الّذي ذكرناه أحد ما قاله أصحابنا في هذا الخبر ، فمن أين له إجماع الصحابة على خلافه ! وإنّ أحداً لم يتأوّله على هذا الوجه.
فإن قال : لو كان ذلك لظهر واشتهر ، ولوقف أبو بكر عليه ، فقد مضى من الكلام فيما يمنع من الموافقه على هذا المعنى ما فيه كفاية.
قلت : لم يكن ذلك اليوم ـ أعني يوم حضور فاطمة عليهاالسلام ، وقولها لأبي بكر ما قالت ـ يوم تقيّة وخوف ، وكيف يكون يوم تقيّة وهي تقول له وهو الخليفة : « يا بن أبي قُحافة ، أترث أباك ولا أرث أبي ! » وتقول له أيضاً : « لقد جئت شيئاً فريّا ! » فكان ينبغي إذا لم يؤثر أمير المؤمنين عليهالسلام أن يفسّر لأبي بكر معنى الخبر أن يُعلِم فاطمة عليهاالسلام تفسيره ، فتقول لأبي بكر : أنت غالط فيما ظننت ، إنّما قال أبي : ما تركناه صدقة فإنّه لا يورث.
واعلم أنّ هذا التأويل كاد يكون مدفوعاً بالضرورة ، لأنّ من نظر في الأحاديث الّتي ذكرناها وما جرت عليه الحال يعلم بطلانه علماً قطعيّاً.
قال المرتضى : وقوله : إنّه لا يكون إذ ذلك تخصيص للأنبياء ولا مزية ؛ ليس بصحيح ، وقد قيل في الجواب عن هذا : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يجوز أن يريد أنّ ما ننوي فيه الصدقة ، ونفرده لها من غير أن نخرجه عن أيدينا لا تناله ورثتنا ، وهذا تخصيص للأنبياء ، ومزية ظاهرة.
قلت : هذه مخالفة لظاهر الكلام ، وإحالة للّفظ عن وضعه ، وبين قوله : ما ننوي فيه الصدقة ، وهو بعد في ملكنا ليس بموروث ؛ وقوله : ما نخلّفه صدقة ليس بموروث فرق عظيم ، فلا يجوز أن يُراد أحد المعنيين باللفظ المفيد للمعنى الآخر ، لأنّه إلباسٌ وتعمية.
وأيضاً ، فإنّ
العلماء ذكروا خصائص الرسول في الشرعيات عن أمته وعدّدوها ، نحو حل الزيادة في النكاح على أربع ، ونحو النكاح بلفظ الهبة على قول فرقةٍ من