تخصيص العموم بالخبر ، فإنّ الصحابة قد خصّصت عمومات الكتاب بالأخبار في مواضع كثيرة.
قال المرتضى : وأمّا تعلّق صاحب الكتاب بالخبر الّذي رواه أبو بكر ، وادعاؤه أنّه استشهد عمر وعثمان وفلاناً وفلاناً ، فأوّل ما فيه أنّ الّذي ادعاه من الاستشهاد غير معروف ، والذي روي أنّ عمر استشهد هؤلاء النفر لمّا تنازع أمير المؤمنين عليهالسلام والعباس رضياللهعنه في الميراث ، فشهدوا بالخبر المتضمّن لنفي الميراث ، وإنّما مقول مخالفينا في صحّة الخبر الّذي رواه أبو بكر عند مطالبة فاطمة عليهاالسلام بالإرث على إمساك الأمّة عن النكير عليه ، والرّد لقضيّته.
قلت : صدق المرتضى رحمهالله فيما قال ، أمّا عَقِيب وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومطالبة فاطمة عليهاالسلام بالإرث ، فلم يروِ الخبر إلّا أبو بكر وحده. وقيل : إنّه رواه معه مالك بن أوس بن الحدثان ؛ وأمّا المهاجرون الّذين ذكرهم قاضي القضاة فإنّما شهدوا بالخبر في خلافة عمر ؛ وقد تقدّم ذكر ذلك.
قال المرتضى : ثمّ لو سلّمنا استشهاد مَنْ ذَكر على الخبر لم يكن فيه حجة ، لأنّ الخبر على كلّ حال لا يخرج من أن يكون غير موجب للعلم ، وهو في حكم أخبار الآحاد ، وليس يجوز أن يرجع عن ظاهر القرآن بما يجري هذا المجرى ، لأنّ المعلوم لا يخصّ إلّا بمعلوم ، وإذا كانت دلالة الظاهر معلومة ، لم يجز أن يخرج عنها بأمرٍ مظنون.
قال : وهذا الكلام مبنيٌّ على أنّ التخصيص للكتاب والسنّة المقطوع بها لا تقع بأخبار الآحاد ، وهو المذهب الصحيح ، وقد أشرنا إلى ما يمكن أن يعتمد في الدلالة عليه من أن الظن لا يقابل العلم ، ولا يرجع عن المعلوم بالمظنون.