قال المرتضى : أوّل
ما ابتدأ به قاضي القضاة حكايته عنّا استدلالنا على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مورّث بقوله تعالى : (
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )
وهذا الخطاب عام يدخل فيه النبيّ وغيره.
ثم أجاب ـ يعني قاضي
القضاة ـ عن ذلك ، فقال : إنّ الخبر الّذي احتج به أبو بكر ـ يعني قوله : « نحن معاشر الأنبياء لا نورّث » ـ لم يقتصر على روايته هو وحده حتى استشهد عليه عمر وعثمان وطلحة والزبير وسعداً وعبد الرحمن ، فشهدوا به ، فكان لا يحل لأبي بكر وقد صار الأمر إليه أن يقسم التركة ميراثاً ، وقد خبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّها صدقة وليست بميراث ، وأقلّ ما
في هذا الباب أن يكون الخبر من أخبار الآحاد ، فلو أنّ شاهدين شهدا في التركة أنّ فيها حقاً ، أليس كان يجب أن يصرف ذلك عن الإرث ! فعلمه بما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع شهادة غيره أقوى.
ولسنا نجعله مدّعياً
لأنّه لم يدع ذلك لنفسه ، وإنّما بيّن أنّه ليس بميراث ، وأنّه صدقة ، ولا يمتنع تخصيص القرآن بذلك ، كما يخصّ في العبد والقاتل وغيرهما ، وليس ذلك بنقص في الأنبياء ، بل هو إجلالٌ لهم ، يرفع الله به قدرهم عن أن يورّثوا
المال ، وصار ذلك من أوكد الدواعي ألّا يتشاغلوا بجمعه ، لأن أحد الدواعي القوية إلى ذلك تركه على الأولاد والأهلين ، ولما سمعت فاطمة عليهاالسلام ذلك من أبي بكر كفّت عن الطلب فيما ثبت من الأخبار الصحيحة ، فلا يمتنع أن تكون غير عارفة بذلك ، فطلبت الإرث ، فلما روى لها ما روى كفّت ، فأصابت أولاً وأصابت ثانياً.
وليس لأحد أن يقول :
كيف يجوز أن يبيّن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك للقوم ولا حقّ لهم في الإرث ، ويدع أن يبيّن ذلك لمن له حق في الإرث ، مع أنّ التكليف يتصل به ؛
_____________________