قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) (١).
إيهاً بني قَيْلة ! اهتضم تُراث أبي ، وأنتم بمرأى ومَسمَع ، تبلغكم الدعوة ، ويشملكم الصوت ، وفيكم العُدّة والعدد ، ولكم الدار والجنَن ، وأنتم نخبة الله الّتي انتخب ، وخِيرته الّتي اختار ! باديتم العَرَب ، وبادهتم الأمور ، وكافحتم البهم حتى دارت بكم رحَى الإسلام ، ودرّ حلبه ، وخبَتْ نيران الحرب ، وسكنتْ فَوْرة الشّرك ، وهدأتْ دعوة الهَرْج ، واستوثق نظام الدين ، أفتأخّرتم بعد الإقدام ، ونَكَصْتم بعد الشّدة ، وجُبنتم بعد الشجاعة ، عن قوم ( نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (٢).
ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، ورَكَنْتم إلى الدّعة ، فجحدتم الذي وعيتم ، وسُغْتم الذي سوّغتم و ( إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (٣) ألا وقد قلتُ لكم ما قلت على معرفة منّي بالخذْلة التي خامرتْكم ، وخَوَر القناة ، وضعف اليقين ، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر ، ناقبة الخف ، باقية العار ، موسومة الشعار ، موصولة بنار الله الموقدة ، التي تطّلع على الأفئدة ، فبعين الله ما تعملون : ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٤) ».
قال : وحدّثني محمد بن زكريا ، قال : حدّثنا محمد بن الضحّاك ، قال : حدّثنا هشام بن محمد ، عن عوانة بن الحكم قال : لمّا كلّمت فاطمة عليهاالسلام أبا بكر بما كلّمته به ، حَمِد أبو بكر الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ثم قال : يا خَيرَة النساء ،
_____________________
١ ـ آل عمران : ١٤٤.
٢ ـ التوبة : ١٢.
٣ ـ إبراهيم : ٨.
٤ ـ الشعراء : ٢٢٧.