النص الخامس : قال (١) : ويقال : انّه عليهالسلام لما استنجد بالمسلمين عقيب يوم السقيفة وما جرى فيه ، وكان يحمل فاطمة عليهاالسلام ليلاً على حمار ، وابناها بين يدي الحمار ، وهو عليهالسلام يسوقه ، فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ، ويسألهم النصرة والمعونة ، أجابه أربعون رجلاً فبايعهم على الموت ، وأمرهم أن يصبحوا بكرة محلّقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم ، فأصبح لم يوافقه منهم إلّا أربعة : الزبير والمقداد وأبو ذر وسلمان.
ثم أتاهم من الليل فناشدهم ، فقالوا : نصبّحك غدوة ، فما جاء منهم إلّا الأربعة ، وكذلك في الليلة الثالثة ، وكان الزبير أشدهم له نصرة ، وأنفذهم في طاعته بصيرة ، حلق رأسه وجاء مراراً وفي عنقه سيفه ، وكذلك الثلاثة الباقون ، إلّا أنّ الزبير هو كان الرأس فيهم.
النص السادس : قال (٢) : في شرح قول الإمام عليهالسلام :
« اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْش ، فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي ، وَأَكْفَأُوا إِنَائِي ، وَأجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي ، وَقَالُوا : أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ ، وَفِي الحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً ، أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً. فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ ، وَلاَ ذَابٌّ وَلَا مُسَاعِدٌ ، إلَّا أَهْلَ بَيْتِي ، فَضَنْنتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ ، فَأَغْضَيْتُ عَلَى القَذى ، وَجَرعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا ، وَصَبَرْتُ مِنْ كَظْم الغَيْظِ عَلى أَمَرَّ مِنَ العَلْقَمِ ، وَآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْز ِالشِّفَار ».
واعلم أنّ هذا الكلام قد نُقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام ما يناسبه ، ويجري مجراه ، ولم يؤرّخ الوقت الذي قاله فيه ، ولا الحال التي عناها به ، وأصحابنا يحملون ذلك على أنّه عليهالسلام قاله عَقِيب الشّورى وبيعة عثمان ، فإنه ليس يرتاب أحدٌ من
_____________________
١ ـ المصدر نفسه ١١ : ١٤.
٢ ـ المصدر نفسه ١١ : ١٠٩ ـ ١١٤.