فقال علي : يا معشر المهاجرين ، الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن ـ أهل البيت ـ أحق بهذا الأمر منكم ، أما كان منّا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بالسنّة ، المضطلع بأمر الرعية ، والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بُعداً.
فقال بشير بن سعد : لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان ، ولكنهم قد بايعوا ، وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع ، ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع.
قلت : ـ والقائل هو ابن أبي الحديد ـ : هذا الحديث يدل على بطلان ما يدعى من النص على أمير المؤمنين وغيره ، لأنه لو كان هناك نص صريح لاحتج به ، ولم يجر للنص ذكر ، وإنما كان الاحتجاج منه ومن أبي بكر ومن الأنصار بالسوابق والفضائل والقرب ، فلو كان هناك نص على أمير المؤمنين أو على أبي بكر لاحتج به أبو بكر أيضاً على الأنصار ، ولاحتج به أمير المؤمنين على أبي بكر ، فإنّ هذا الخبر وغيره من الأخبار المستفيضة ، يدل على أنه قد كان كاشفهم وهتك القناع بينه وبينهم ، ألا تراه كيف نسبهم إلى التعدي عليه وظلمه ، وتمنّع من طاعتهم وأسمعهم من الكلام أشده وأغلظه ، فلو كان هناك نص لذكره أو ذكره بعض من كان من شيعته وحزبه ، لأنّه لا عطر بعد عروس.
وهذا أيضاً يدل على أنّ الخبر المروي في أبي بكر في صحيحي البخاري ومسلم غير صحيح ، وهو ما روي من قوله عليهالسلام لعائشة في مرضه : ( ادعي لي أباك حتى أكتب لأبي بكر كتاباً فإنّي أخاف أن يقول قائل ، أو يتمنى متمنٍ ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ) وهذا هو نص المعتزلة.