أئمة الحديث أبو عبدالله الحميدي ، وأبو الفضل بن الطاهر انتهى (١).
وبالغ بعض أواخرهم في اثبات قطعية صدور أحاديثهما حتى ألّف في ذلك رسالة مستقلّة سمّاها « غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح » ، وأدرج هذه الرسالة في كتابه المسمّى بـ « الدراسات » ، وأطال فيه لكنه لم يأت في الاستدلال للطرفين بغير ما عرفت في عبارة السيوطي ، وحاصل تحريره لدليل ابن الصلاح : « أن تصحيح الحديث ملازم للظن بصدوره ، فالإجماع على الصحة معناه حصول الظن من جميع الأُمة بالصدور ، وظن الأُمة بأجمعهم مقطوع العصمة عن الخطاء بدليل قطعية الإجماعات الاجتهادية ، ثم إنه أربى على من تقدم عليه فلم يرض بما استثناه غيره مما انتقد أحد من الحفاظ ، أو وقع التجانب بين مدلوليه ، فذهب إلى أن الخبرين المتناقضين كلاهما مقطوع الصدور ، وعدم ظهور وجه الجمع بينهما لا يدل على عدمه في الواقع ، وأما ماانتقد عليهما ، فهو أيضاً لم ينزل عن أعلى درجات الصحة ، وهي درجة ما أخرجه الشيخان ، ونفي الريب عن وجوب العمل بالمنتقد منهما من غير نظر ووقفة إلى ما يندفع به ذلك الانتقاد بمجرد إخراجهما [ له وجوباً مؤكداً لا يوجد في صحيح غيره فان حكم كلّ حديث صحيح ولو في أدنى مراتب الصحة وجوب العمل لحصول الظن الغالب ، ولكنّ بين ظن وظن ما يكاد يشيه ما بين اليقين والشك ، فوجوب العمل هذا بمجرد اخراجهما ] (٢) ، فكيف اذا نظر فيما أجابوا عن ذلك ، وبما جعلوه هباءاً منثوراً ، وتصدّى جماعة للجواب عما
__________________
١. شرح نخبة الفكر : ٢٦ ـ ٢٧ ، ولكنّ ترتيب الوجوه المذكورة في شرح نخبة الفكر في نسخة المطبوعة يختلف مع ما ذُكر في المتن بالتقدم والتأخير.
٢. ما بين [ ] على ما في دراسات اللبيب.