أتت كتبهم في طيّهـن كتـائـب |
|
ومـا رقمـت إلا بسم الأراقم |
أن اقدم إلينا يا ابن أكرم من مشى |
|
على قدم من عربها والأعاجم |
هكذا عرفت مقادير القوم من الثبات ومبالغهم من السداد وكميّاتهم من الاستقامة ، هب أن القوم لايهمهم دين ، ولا تردعهم تقوى ، ولا يتأثرون بجاذب الحق ، وإنما هم سماسرة الأطماع يتحرّون المعيشة تحت أي راية لمحق أو مبطل ، فيخدمون كل ناعق شأن النفوس الضعيفة والطبائع المسفة مع الضعة ، فهلا كان الشرف الإنساني يقودهم إلى اتباع أشرف الفريقين نسباً وأرفعهم شأنا وأعزهم حمى وأنداهم يدا وأرجحهم حجى وأكرمهم جدودا وأزكاهم نفوسا وأطهرهم ذيولا وارساهم قدما عند مستّن النزال واشتباك الرماح فيستبدلون الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل؟
ولو كان في الكوفة يومئذ رجل شريف غير أسرة قليلة ضمّتهم أعماق السجون وضربت على أيدي آخرين القسوة الأموية لما بغوا عن آل الله بدلا ، ولما وجدوا عنهم حولا لكنهم أبوا كما هو لازم جبلتهم إلا أن يتسيطر عليهم ابن آكلة الأكباد « يزيد الفجور » ، ويتولى أمرهم مثل « ابن مرجانة » ولم يرقهم سبط نبي الهدى ، وابن سيد الأوصياء وفلذة كبد البتول الزهراء سيد شباب أهل الجنة.
واي زنة تجمع بين سليل الهدى وبين عصارة المخازي والمنكرات وأي مقياس يؤلف بينهما؟
وهل تقام للقوم حجة يعذرون بها عندما يوقفون للمحاكمة؟ وقد دخل ابن مرجانة عليهم وحده بلا عدة ولا عدد ، ولم يملك من الكوفة إلا موطأ قدمه وليس معه ثان يسدد خطاه ، ولذ تزّيا بزيّ سيد الشهداء وتلثّم كي لا يعرف فيقتل ، ولك من رآه حسبه « أبي الضيم » فيسلمون على ابن الرسول ، ولو علموا أنه ابن مرجانة لنالوا منه ، ولتهم علموا ، وليتها كانت القاضية ، فكان من أوسع الأمور البطش به أو اعتقاله لكنهم لم يفعلوا.
ولما دخل القصر لاث به أناس يعدون بالأنامل وكان الفتك بهم لاخماد الفتنة أهون شيء للكوفيين فإنه ومن معه في القصر مقطوعون عن المدد والذين بايعوا مسلما يزيدون على خمس وعشرين الفا.
أيعذر هذا الجمع المتراكم في تفكّكهم وتفرّقهم ونكثهم البيعة التي أعطوها برغبة واختيار لمجرد تهديد الدعي ابن الدعي بجيوش الشام ، وهل كان في الشام جيش