يقال في كثيرين من أهل عصره وذرياتهم.
ويشهد له وقفة أولاده بمشهد الطف يوم التطمت أمواج الضلال وتحزّبت عصب الشرك على سيد شباب أهل الجنة وقطعوا عنه خطوط المدد وحالوا دون الوسائل الحيوية حتى الماء المباح لعامة الحيوانات ، يريدون بذلك استئصال شأفة النبوة فكتبوا بدمائهم الزاكية اسطرا نورية على جبهة الدهر تقرؤها الأجيال المتعاقبة ، ويتعرفون منها مناهج موتة العز وأن الحياة مع الظالمين ذميمة.
فظهر مسلم عليهالسلام بين هذه وتلك ألقا وضاءا للحق وشخصية بارزة للدين والهدى متأهلا لحمل أعباء النيابة الخاصة عن حجة الوقت ولذلك اختاره لها سيد الشهداء عليهالسلام من بين ذويه وحشده الأطايب.
ومن هذا الإستنباط يعلم طهارة « أمه » عن كل ما تغمز به النساء وأنها متحلية بالمفاخر وإن لم يعطها التأريخ حقها كما لم يعط حق ولدها المعظم الثابت له.
نعم للتأريخ والمؤرخين شغل شاغل بذكر أخبار القيان والمغنين وسرد روايات أهل الخلاعة والمعازف عن إثبات أحاديث سروات المجد وقادة الإصلاح من بني هاشم.
وهل النقمة ههنا على الكتاب أو ظروف التدوين أو السياسات القاسية أنا لا أدري ، ولهذا كله خفى علينا يوم ولادتها وشهرها وسنتها ، وكان من الصعب جدا تحديدها وكلما يقال فهو تقريب واستحسان ولا يغني من الحق شيئا.
وستقف في البحث المتعلق بأم مسلم على شيء ربما يستكشف المتأمل منه مبدأ الولادة.
إن غموض التعريف عن أم مسلم بأجلى المظاهر ، أوقع الباحث في حيرة السؤال عن اقتران عقيل منها ، هل كان بالعقد أم بملك اليمين ، وأنها حرة أم جارية؟ ، والعتب في ذلك على المؤرخين الذين أهملوا الحقائق مع تحفظهم على أمور تافهة لايقام لها وزن ، وان من الجدارة التعريف بنواحي هذا الرجل العظيم الذي دخل الكوفة وحده بلا عدة ولا عدد ، فدوّى أرجاءها بصرخته الحسينية في وجه المنكر ، وأقلق فكر الممثل للزعامة الأموية في الشام ولعل من هذا الإغفال يستطيع الباعث الجزم بأن ما يلم « بابن عقيل » كان على أبعد حد من الفضائل والفواضل سواء من ناحية أمه وأبيه أو من بيته