بعض ما يرومونه ،
فقال له ابن الأشعث : أنت آمن ، إلا عبيد الله بن العباس السلمي فغنه تنحى وقال :
لا ناقة لي في هذا ولا جمل .
أما ابن عقيل عليهالسلام فلم تفته خيانتهم ونقضهم العهود وأنهم
لايرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة فلم يعبء بأمانهم فقال : « لا والله لا أؤسر وبي
طاقة ، لايكون ذلك أبداء » وحمل على ابن الأشعث فهرب منه ، ثم تكاثروا عليه وقد
اشتد به العطش فطعنه رجل من خلفه فسقط الى الأرض وأسر .
وقيل : أنهم عملوا حفيرة وستروها
بالتراب وانكشفوا بين يديه حتى إذا وقع فيها أسروه .
ولما أركبوه البغلة وانتزعوه سيفه دمعت
عينه ، فقال له عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي : ان الذي يطلب مثل الذي تطلب
اذا نزل به مثل ما نزل بك لم يبكِ ، فقال عليهالسلام
:
|
« ما على نفسي
أبكي ولكن أبكي لأهلي المقبلين اليكم ، أبكي للحسين وآل الحسين . »
|
تفيدنا هذه الجملة درسا آخر من نفسية
مسلم وقوة ايمانه وثبات جأشه وقداسة نفسه ؛ فان هذا البكاء لم يكن لجروحه الدامية
أو عطشه المبرح لما ألم به من الضرب والطعن وهو في الحالة نفسها مكثورة وأنه سوف
يؤدّي به الظلوم الغاشم في منتأى عن أهله وولده.
لكن الذي أبكاه أمام ذلك الجمع المحارب
أمر ديني وطاعة للمولى نظير الغاية التي أوقفته هذا الموقف وهو ما سيجري على حجة
الوقت الواجب على العباد الإنقياد له والخضوع لأمره ، وان سيد شباب أهل الجنة سيرد
هذا المورد متى حلّ بين ظهراني أهل الكوفة الطغاة وهو لايريد أن تشوك سيدة شوكة
ولا يستهين أن يصيبه أي أذى ، وإنما وقف هذا الموقف للحصول على مرضاة إمامه
والدعوة إليه والذّب عنه ، ولم يبرح هذه نواياه حتى نسي نفسه ولم ينس أبي الضيم عليهالسلام فطفق يبكي لما يصيبه وهو
__________________