صلخب الأزدي فحبسهما ثم قتلهما.
وحبس جماعة من الوجوه استيحاشا منهم وكان فيهم المختار الثقفي وعبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب (٩) وقد خرجا لنصرة ابن عقيل ، وكان المختار عند خروج مسلم في قرية له تدعى « لقفا » فجاء بمواليه يحمل راية خضراء ، ويحمل عبدالله بن الحارث راية حمراء وانتهيا الى باب الفيل (١٠) ووضح لهما قتل مسلم وهاني ، واشير عليهما بالدخول تحت راية عمرو بن حريث ففعلا وشعد لهما ابن حريث باجتنابهما مسلما عليهالسلام. فأمر ابن زياد بحبسهما بعد أن شتم المختار واستعرض وجهه بالقضيب فشتر عينه وبقيا في السجن الى أن قتل الحسين عليهالسلام.
ولما أحضر سبي آل محمد صلىاللهعليهوآله في مجلسه أخرج المختار من الحبس شامتا منه ، وفرحا بما يحبسه من الظفر ، وإذ رأى المختار هيئة منكرة زفر زفرة كادت روحه أن تخرج فيها ، ولم يثن هذا من عزمه ولا أوهن من عقيدته ، فأغلظ لابن زياد في كلام جرى بينهما (١١) وعرّفه بالعقيدة التي يحملها من مصدر وثيق بأن ايامه عدد ومُلكه بدد وسيلقى خزيا وبوارا يكون ذلك على يده.
فاضحك ابن زياد هذا النبأ من أسير تحت قبضته ، وليس له مساعد له يحذر سطوته خصوصا يرى أعناق الأشراف ذللا نحوه وقد ملأ السجن بمن يتحفّز لنخوته ، فأرجعه الى السجن ولم يطلق سراحه إلا بشفاعة عبدالله بن عمر بن الخطاب عند يزيد لاقترانه من « صفية » ابنة أبي عبيد الثقفي أخت المختار.
ولما خطب ابن زياد بعد قتل ابن عفيف الأزدي ونال من أمير المؤمنين بحضرة اولئك الأجلاف من الكوفيين ، ولم يلق منهم رادا عليه غير المختار ، فقد ثار في وجهه شاتما ومعرّفا بأن اللصيق لم يستحق من الإمارة موطأ قدم وان أهلها العاملون بالحق السالكون بالأمة طريق الجد المهذّبون المرشدون كابن عقيل ومن حذا حذوه من أهل هذا البيت الطاهر.
فأمر ابن مرجانة بقتله غير أن عمر بن سعد تشفّع فيه لأنه كان صهره على أخته ، أولدت له حفصا ، فأرجعه الى السجن ثم تشفع فيه ثانيا عبدالله بن عمر عند
__________________
٩) المصدر ، ص٢٠٨ وص٢١٤ وص٢١٥.
١٠) أنساب الأشراف للبلاذري ج٥ ص٢١٥.
١١) رياض الأحزان ص٥٢ عن روضة الشهداء.