ومحدّثيهم ، حتّىٰ أنّ العلّامة المحدّث النوري عبّر عنه تارة بـ « المحقّق الشيخ محمّد » (١) ، وتارة بـ « المدقّق الشيخ محمّد » (٢) ، وقد أفاد منه ونقل الكثير من تحقيقاته الرجالية التي دوّنت في استقصاء الاعتبار ، وذلك لأهميتها وضخامة فكر صاحبها في التنقيحات والتحقيقات الرجالية .
ولا يخفىٰ حرصه علىٰ طلب العلم ومدارسته ، حيث كان بعد وفاة أستاذيه يطالع ويقرأ ولم يركن إلىٰ الراحة والهدوء ، بل راح يجدّ ويثابر ، بل الذي نستشمّه من عبارة ولده أنّه كان بعد تحصيله علوم المذهب ، ووفاة أستاذيه ، يذهب ليدارس ويتتلمذ علىٰ أيدي فضلاء العامّة ، ممّا يظهر مدىٰ جدّه ومثابرته في تحصيل العلوم ، وذلك هو الذي جعل من هذا الرجل عالماً مجدّاً يغني المكتبة الإسلامية بشتّىٰ التآليف القيّمة .
وكان الشيخ محمّد قد برز علىٰ أقرانه من العامّة في حلقة الدرس ، قال ولده الشيخ عليّ : وكان من جملة من قرأ عليهم رجل فاضل في علوم العربية والتفسير والاُصول اسمه الشيخ شرف الدين الدمشقي ، وكان يجتمع في درسه خلق كثير ، رأيته أنا وشاهدت حلقة درسه ، وهو طاعن في السنّ ، وكان إذا جرىٰ بحث في مجلسه وتكلّم والدي في مسألة بكلام ، وبحث معه يعارضه أهل ذلك المجلس عناداً أو لسوء فهم ، فيقع البحث بينهم والشيخ ساكت ، وإذا انتهىٰ الأمر ليحكم بينهم يقول : يا إخوان لا يغيّر في وجوه الحسان ، يعني به والدي رحمهالله ، فإذا سمعوا هذا سكتوا (٣) . . .
__________________
(١) انظر خاتمة مستدرك الوسائل ٥ : ٢٣ .
(٢) انظر خاتمة مستدرك الوسائل ٥ : ٨٩ و٣٧٠ .
(٣) روضات الجنات ٧ : ٤١ ـ ٤٢ .