وأوضح الخوانساري أنّ ملازمته للميرزا الاسترآبادي كانت في مكّة المكرّمة ، وأنّ المترجم له كان معجباً غاية الإعجاب ، بأستاذه الرجاليّ النحرير ، فقال : وكان هو أيضاً مجاوراً بمكّة المعظّمة ، وملازماً لمجلس مباحثة صاحب الترجمة المتقدمة [ أي الميرزا محمّد الاسترآبادي ] ، ومعتقداً لغاية نبله وفضله وتحقيقه ، بل مفتخراً بالاهتداء إلىٰ سبيله وطريقه (١) .
ونقل الخوانساري في الروضات عن ولد المترجم له في كتابه « الدرّ المنثور » قوله : وكان وهو في البلاد يذهب إلىٰ دمشق ويقيم بها مدّة بعد مدّة ، واختلط بفضلاء العامّة ، وصاحبهم وعاشرهم أحسن عِشرة ، وقرأ عندهم في علوم شتّىٰ (٢) .
وهذا ما يؤكّد لنا أنّ هذا العالم الجليل ، وغيره من علماء وفضلاء الطائفة كانوا حريصين أشدّ الحرص علىٰ تتبّع الحقائق ، وأخذ الشاردة والواردة من العلماء ، أيّاً كان انتماؤهم المذهبيّ ، لأنّ الحقيقة العلمية مناطها الدليل والبرهان ، لا المذاهب والمشارب .
فقد تتلمَذَ المؤلّف رحمهالله منذ نعومة أظفاره علىٰ كبار علماء الطائفة الإماميّة ، مثل والده وصاحب المدارك ، كما يبدو واضحاً جليّاً أنّه كان مولعاً بعلم الرجال ، وقد مرّ أنّه لازم الميرزا محمّد الاسترآبادي خمس سنين يباحث ويدرس معه في علم الرجال . ولذلك برزت عبقريته وقدرته العلميّة في هذا المجال أكثر من أيّ مجال آخر ، وهذا ما سنوضّحه في ميزات الكتاب ، وما يبدو شاخصاً للعيان من خلال مباحث شرح الاستبصار ، وقد وقعت تحقيقاته الرجالية موقع إجلال وإكبار علماء الطائفة
__________________
(١) روضات الجنات ٧ : ٣٩ .
(٢) روضات الجنات ٧ : ٤١ .