وقد طعن الظاهرية بالمذهب الحنفي بأنّه فلسفة فارسيّة ، ورمى ابن حزم أبا حنيفة وأتباعه بالكلام القارص فوصف أقوال أبي حنيفة وأتباعه بالكذب وبالكلام الأحمق البارد ، وسدّد الخطيب البغدادي سهامه في تأريخه بعبارات خشنة عليه وعلى أتباعه (١).
وقد روى عنه تلاميذه في الحديث مسانيد عديدة بلغت على ما يحكى خمسة عشر مسندا ، منها مسند القاضي أبي يوسف يعقوب المتوفّى سنة ١٨٢ ه ، ومسند محمد بن الحسن الشيباني المتوفّى سنة ١٨٩ ه ، وغيرها جمعها قاضي القضاة محمد الخوارزمي المتوفى سنة ٦٦٥ ه ، في كتاب واحد أسماه ( جامع المسانيد ).
ولكن ابن خلدون يذكر في مقدمته أنّ الأحاديث المروية عن أبي حنيفة تبلغ سبعة عشر حديثا أو نحوها.
ومسائل الفقه عند الحنفية ثلاثة أقسام :
الأوّل : الأصول ، وهي المسائل التي رواها الثقات عن أبي حنيفة أو أحد تلاميذه كأبي يوسف وزفر ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم ممّن سمع من نفس أبي حنيفة وتسمّى بظاهر الرواية وقد جمعها محمد بن الحسن المذكور في كتب ستّة تعرف بكتب ظاهر الرواية أو مسائل الأصول ، وعن هذه الكتب أخذت جمعية مجلّة الأحكام العدليّة أكثر مسائلها المدوّنة فيها.
الثاني : النوادر ، وهي المسائل التي رواها الموثوق بهم عن أبي حنيفة أو عن أصحابه ، ولكن لم تشتهر روايتها وتسمّى بكتب النوادر أو مسائل النوادر ، ككتاب أمالي محمد في الفقه.
الثالث : الفتاوى ، وهي المسائل التي أفتى بها مجتهد والحنفيّة المتأخّرون فيما لم يرووا فيه رواية عن أبي حنيفة ولا عن أصحابه ، ولكن كانت الفتوى تخريجا على مذهبه ، ويقال إنّ أوّل كتاب عرف في هذا القسم ـ أعني فتاوى الحنفية ـ هو
__________________
(١) أدوار علم الفقه : ١٤٦ ـ ١٤٧.