واعلموا أن من يبخل فانما يبخل على نفسه ، وأن الله هو الغني وأنتم الفقراء اليه ، لا إله الا هو ، ولقد طالت المخاطبة فيما بيننا وبينكم فيما هو لكم وعليكم ، ولو لا ما يجب من تمام النعمة من الله عز وجل عليكم : لما أريتكم لي خطا ولا سمعتم مني حرفا من بعد الماضي عليهالسلام ، أنتم في غفلة عما اليه معادكم ، ومن بعد الثاني رسولي وما ناله منكم حين أكرمه الله بمصيره إليكم ، ومن بعد اقامتي لكم ابراهيم بن عبده ، وفقه الله لمرضاته ، وأعانه على طاعته ، وكتابي الذي حمله محمد بن موسى النيسابوري ، والله المستعان على كل حال.
واني أراكم تفرطون في جنب الله فتكونون من الخاسرين ، فبعدا وسحقا لمن رغب عن طاعة الله ولم يقبل مواعظ أوليائه ، وقد أمركم الله جل وعلا بطاعته ، لا إله الا هو ، وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبطاعة أولي الامر عليهمالسلام ، فرحم الله ضعفكم وقلة صبركم عما أمامكم.
فما أغر الانسان بربه الكريم ، واستجاب الله دعائي فيكم وأصلح أموركم على يدي ، فقد قال الله جل جلاله ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) (١) وقال جل جلاله ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (٢) وقال الله جل جلاله ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) (٣).
فما أحب أن يدعو الله جل جلاله بي ولا بمن هو في امامي الا حسب رقتي عليكم ، وما انطوى لكم عليه من حب بلوغ الأمل في الدارين جميعا ، والكينونة معنا في الدنيا والآخرة.
فقد يا اسحاق يرحمك الله ويرحم من هو وراءك بينت لك بيانا وفسرت لك تفسيرا ، وفعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الامر قط ولم يدخل فيه طرفة عين ، ولو
__________________
(١) سورة الاسراء : ٧١
(٢) سورة البقرة : ١٤٣
(٣) سورة آل عمران : ١١٠