وأية آية يا اسحاق أعظم من حجة الله عز وجل على خلقه وأمينه في بلاده وشاهده على عباده ، من بعد ما سلف من آبائه الاولين من النبيين وآبائه الاخرين من الوصيين عليهم أجمعين رحمة الله وبركاته.
فأين يتاه بكم وأين تذهبون كالأنعام على وجوهكم عن الحق تصدفون ، وبالباطل تؤمنون ، وبنعمة الله تكفرون ، أو تكذبون ، ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ، فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم الا خزي في الحياة الدنيا الفانية ، وطول عذاب الآخرة الباقية ، وذلك والله الخزي العظيم.
ان الله بفضله ومنه لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض عليكم لحاجة منه إليكم ، بل برحمة منه لا إله الا هو عليكم ، ليميز الخبيث من الطيب ، وليبتلي ما في صدوركم ، وليمحص ما في قلوبكم ، ولتتسابقون الى رحمته ، وتتفاضل منازلكم في جنته.
ففرض عليكم الحج والعمرة واقام الصلاه وايتاء الزكاة والصوم والولاية ، وكفاهم لكم بابا ، لتفتحوا أبواب الفرائض ، ومفتاحا الى سبيله ، ولو لا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والاوصياء من بعده : لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض ، وهل تدخل قرية الا من بابها؟
فلما من عليكم باقامة الاولياء بعد نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال الله عز وجل لنبيه ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (١) وفرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها اليهم ، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم ومعرفتكم بذلك النماء والبركة والثروة وليعلم من يطيعه منكم بالغيب قال الله عز وجل ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢).
__________________
(١) سورة المائدة : ٣
(٢) سورة الشورى : ٢٣