( وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ ) (١) أَي اطَّلَعَ نبيَّهُ على ما جرَى من إِفشاءِ سِرِّهِ على لِسانِ جِبرَئيلَ ، أَو أَظْهَرَ اللهُ الحَديثَ ونَصَّهُ على النّبيِّ ؛ فَيكُونُ مِنَ الظُّهُورِ.
( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ ) (٢) الخِطابُ لاثنتَينِ من أَزواجِهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أَي إِنْ تَتَعاوَنا على ما يسوءُهُ ويُوجِبُ غيظَهُ ، وعنِ ابنِ عبَّاسٍ : سألتُ عُمرَ بنَ الخطَّابِ مَن المَرأتانِ اللَّتانِ تظاهَرَتا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالَ : عَجَباً يا ابنَ عَبّاسٍ! كأَنَّه كَرِهَ مَا سألتُهُ عَنُه ، ثُمَّ قالَ : هُما حَفْصَةُ وعَائشةُ (٣).
( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ) (٤) فَوجٌ مُظَاهِرٌ لَهُ ؛ كأَنَّهم يدٌ واحِدةٌ على من يُعَادِيهِ.
( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) (٥) هو ما يَعلَمُهُ الجُهَّالُ من ظاهِرِها ؛ وهو التَّمتُّعُ بزَخارِفِها والتَّنعُّمُ بملاذِّها ، وأَمَّا بَاطِنُها ـ وهو حَقِيقتُها من كَونِها مَجازاً إِلى الآخرةِ ومزرعةً لهَا يُتَزَوَّدُ مِنها إِليها بالطَّاعةِ والعَملِ الصّالحِ ـ فهُمْ في غَفلةٍ عَنهُ جَاهِلونَ بهِ.
( وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً ) (٦) يُظاهرُ الشَّيطانَ ويُعاونُهُ على رَبِّهِ بالشِّركِ والعَداوةِ ، أَو هيِّناً مَهِيناً على ربِّهِ لا يَعْبَأُ به ولا يِلْتَفت إليه ؛ من ظَهَرَهُ ـ كمَنَعَه ـ إذا جَعَلهُ خلف ظَهرِهِ تهاوُناً بهِ.
( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ ) (٧) أَي يُؤتَى كتابَهُ بشِمالِهِ من وَراءِ ظَهرهِ. قيلَ : تُغَلُّ يُمنَاهُ إِلى عُنُقِهِ وتُجعَلُ شِمالُهُ وراءَ ظَهْرِهِ فُيؤتَى كِتابَهُ بِهَا. وقيلَ : تُخلَعُ يَدُهُ اليُسرى من وَراءِ ظَهْرِهِ. وقيلَ : تُجعَلُ وجُوهُهُم إِلى خَلفٍ فيكُونُ قد أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ ولكن بشِمالِهِ.
( ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ) (٨) أَي على ظَهِر الأَرضِ ، وإِن لم يَجْرِ لَهَا ذِكرٌ ؛ لِدلالةِ الكَلامِ عليها.
__________________
(١) التّحريم : ٣.
(٢) التّحريم : ٤.
(٣) البخاري ٦ : ١٩٦ ، مجمع البيان ٥ : ٣١٦.
(٤) التّحريم : ٤.
(٥) الرّوم : ٧.
(٦) الفرقان : ٥٥.
(٧) الانشقاق : ١٠.
(٨) فاطر : ٤٥.