مفاوزَ وقِفاراً بدلَ القُرى الظَّاهِرَةِ ؛ أَشَراً وبَطَراً ليتطاولوا على الفُقراءِ بركُوب الرَّواحِلِ وحَملِ الزَّادِ والماءِ.
ومَنْ قرأَ بضمِّ « رَبُّنا » وفَتْحِ العينِ والدَّالِ من « بَاعَدَ » على الابتداء والخبرِ (١) فالمُرادُ استِبعادُ مسائِرِهِم معَ قِصَرٍ (٢) ودُنُوِّها ؛ لفرطِ تنعُّمِهم وتَرَفُّعِهِم.
( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) (٣) جَمْعُ سَافِرٌ ؛ ككَاتِبٍ وكَتَبَةٍ زِنةً ومعنىً ، وهُم الكَتَبَةُ منَ الملائكةِ ينتَسِخُون الكُتُبَ من اللَّوحِ المحفوظِ ، أَو الوَحْيِ ، أَو السُّفراءُ منهُم ؛ لأنّ المَلَكَ سَفيرٌ بينَ اللهِ ورسُوله ، أَو هُمُ القُرّاءُ ، أو الصَّحَابةُ يكتُبونَ الصُّحُفَ المُكَرَّمةِ ويَقرؤُونها.
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ) (٤) مُشرقةٌ مضيئةٌ تتهلَّلُ سُرُوراً ، أَو من قيامِ اللَّيل ، أَو من آثارِ الوُضوءِ ، أَو من طولِ ما اغبَرَّتْ في سبيلِ اللهِ.
الأثر
( لَو أَمَرْتَ بهذَا البَيْتِ فَسُفِرَ ) (٥) بالبناءِ للمجُهول ، أَي كُنِسَ ، وأَصلُهُ الكَشْف.
( وتُتُبِّعَتْ أَسْفَارُهُمْ بالحِجَارَةِ ) (٦) جمعُ سَفْرٍ ؛ وهُمُ المسافرون ، أو جمعُ سَافِر وهو المُسَافِرُ ؛ كجَاهِل وأَجْهَال.
( ثُمَّ قَالَ هَاتِ السِّفَارَ ) (٧) ككِتَابٍ ؛ وهو ما يُوضَعُ على أَنفِ البعيرِ من حبلٍ أَو حَديدةٍ ، وقد تقدَّمَ بيانُهُ.
( أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ ) (٨) أَي بصلاةِ الفجرِ ، يُريدُ : صَلُّوها بعدَ تَبَيُّنِ (٩) وقتِها
__________________
(١) انظر المبهج في القراءات ٣ : ٢٢٩ ، وإعراب القراءات لابن خالويه : ٣٥٩.
(٢) كذا في النّسخ والظّاهر أَنَّ الصّحيح : مع قِصَرِها.
(٣) عبس : ١٥.
(٤) عبس : ٣٨.
(٥) الفائق ٢ : ١٨١ ، غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٤٨٣ ، النّهاية ٢ : ٣٧٢.
(٦) الفائق ٢ : ١٨٥ ، غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٤٨٣ ، النّهاية ٢ : ٣٧٢.
(٧) الفائق ٣ : ٤٤٠ ، غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٤٨٣ ، النّهاية ٢ : ٣٧٣.
(٨) مسند أحمد ٥ : ٤٢٩ ، سنن النسائي ١ : ٢٧٢ ، سنن التّرمذي ١ : ١٠٣ / ١٥٤ ، النّهاية ٢ : ٣٧٢.
(٩) في « ج » : بعد ما تبيّن.