خَبِيرٍ قُدِّمَت لرعايةِ الفاصلةِ ، أَي سَلْ خَبِيراً بِهِ ، وذلك الخبيرُ هو اللهُ تعالى ، وعن ابنِ عبّاس : أَنَّه جبرئيل (١).
وقيل : الباءُ بمعنى « عَنْ » ، أي : سَلْ عَنْهُ (٢).
وقيل : تجريديَّةٌ ؛ كقولك : رأيتُ بزَيْدٍ أَسداً ، أَي برؤيته ، والمعنَى فَسَلْ بسؤَالِهِ خَبِيراً ، أَي إنْ سأَلْتَهُ وجدتَهُ عالماً (٣).
( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) (٤) أَي لا يُخبِرُك بالأمر مُخْبِرٌ هو مثلُ خَبِيرٍ عالمٍ به ، يريدُ أنَ الخَبِيرَ العالمَ بالأَمرِ وحدَهُ هو الَّذي يُخْبِرُكَ بالحقيقةِ دون سائِر المُخْبِرِينَ به ، والمعنى : أنَّ هذا الَّذي أَخْبَرْتُكُمْ به من حالِ الأَوثانِ هو الحقُّ لأَنِّي خَبِيرٌ بما أَخْبَرْتُ به.
( وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ) (٥) نَخْتَبِرُ ما يُحكى عنكُم وما يُخْبَرُ به من أَعمالِكُم لنعلَمَ حَسَنَها من قبيحِها ؛ لأنَّ الخَبَرَ على حَسبِ المُخبرِ عنه حُسْناً وقُبْحاً.
( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) (٦) تُخِبرُ بما عُمِل عليها من خيرٍ وشرٍّ ، أَو تُخِبرُ أنّ الدُّنيا قد انقضتْ والآخرةَ قد أَقبلت ، أَو تشهدُ على كُلِّ عبدٍ وأَمَةٍ بما عَمِل على ظهرِها فتقول : عَمِل كذا يومَ كذا ؛ وهو مرويٌّ عن النبيِّ صلىاللهعليهوآله (٧) ، والجمهورُ على أَنَّه تعالى يجعلُها ذاتَ فهمٍ ونُطْقٍ فتحدِّثُ بذلكَ. وقيل : هو مجازٌ عن إِحداثِ اللهِ فيها من الأحوال ما يقومُ مقامَ التّحديثِ (٨) ، واللهُ أَعلَمُ.
الأثر
( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ) (٩) فليُعْلِمْهُ بمحبَّتِهِ له
__________________
(١) انظر التّفسير الكبير ٢٤ : ١٠٥.
(٢) انظر تفسير النّسفي ٢ : ١٩٤.
(٣) انظر تفسير البحر المحيط ٦ : ٥٠٩.
(٤) فاطر : ١٤.
(٥) محمّد صلىاللهعليهوآله : ٣١.
(٦) الزّلزلة : ٤.
(٧) الدّر المنثور ٣٨٠٦٦.
(٨) انظر تفسير الكشّاف ٤ : ٧٨٤ ، وفيه : التّحديث بالنّسيان.
(٩) مشكاة المصابيح ٣ : ١٣٩٦ / ٥٠١٦ ، سنن أبي داود ٤ : ٣٣٢ ، وفي المحاسن : ٢٦٦ / ٣٤٩ : « إِذا أَحبَّ أَحَدَكم صاحِبَهُ أَو أَخاهُ فَليعلمه ... ».