وحَيْرِيْ الدَّهْرِ ـ بسكون الياء ـ أَي أَبداً ، والأصلُ التَّشديدُ ؛ فحُذفت في اللُّغَتَيْنِ الأُخريَيْنِ أَحَدُ اليائَينِ المُدْغَمَتَيْنِ تخفيفاً كراهِيَةَ اجتماعِ ثلاثِ ياءاتٍ في كلمةٍ ، فمَنْ حذفَ الأُولى لسكُونِها قاله بتخفيف الياء. ومن حذفَ الثَّانيةَ لتطرُّفِها قاله بسكون الياء ، ومعناهُ مُدَّةَ الدّهرِ ؛ أَي مُدَّةَ تَحَيُّرِ الدَّهرِ وبقائهِ (١).
وقالَ الزَّمخشريُّ : عندي أَنَّ اشتقاقَهُ من قولِهِم : حِيرُوا بهذا المكانِ ، أي أَقِيمُوا ، وشاهِدُهُ ما يُحكى عن تُبَّعٍ الأكبرِ أنّه لمّا رأى أن يأتيَ خراسانَ خَلَّفَ ضعَفَةَ جُندِهِ بالموضع الّذي كانَ به وقال لهم : حِيرُوا به ، أي بهذا المكانِ ، فسُمِّي الحِيرَةَ ، والمعنى : ما أَقامَ الدّهرُ (٢).
وحُكي فيه لُغتانِ أُخريانِ : حَير الدَّهْرِ ـ كتعب ـ (٣) وحَارِيَ الدّهرِ ، ولم يرتكبُوا التَّخفيفَ في هذا لحصولِهِ بانقلاب الياءِ ـ الّتي هي عَيْنُ الكلمةِ ـ أَلِفاً.
وحَيْرَ مَا فَعَلَ : أي رُبَّمَا.
والحَائِرُ ، والحَيْرُ : موضعُ قبرِ الحسينِ عليهالسلام بكربلاءَ ؛ لأَنّه في مطمئِنٍّ من الأَرضِ ، ويُطلقُ على ما حواه سُورُ مشهدِهِ الشريفِ.
وحَائِرُ الحَحَّاجِ : بالبصرةِ.
وحَائِرُ مَلْهَمَ ، كمَنْهَل : باليمامة ؛ ولَهُ يومٌ.
والحِيرَةُ ، بالكسر : مدينةٌ على رأْس [ ثلاثةِ أميالٍ ] (٤) من الكوفةِ ، كان يسكُنُها النّعمانُ بنُ المنذرِ ، والنِّسبةُ إليها : حِيرِيٌ ، وحَارِيٌ على غيرِ قياسٍ ..
و ـ : محلَّةٌ كبيرةٌ كانت بنيشابَور ، ينسَبُ إليها كثيرٌ من المحدِّثينَ ، والنسبةُ
__________________
(١) ومنه : ما عن ابن عمر : « فيذهب حِيْرِيَّ دهرٍ » النّهاية ١ : ٤٦٦.
(٢) الفائق ٢ : ٣٥٨.
(٣) كذا في النّسخ وهو تصحيف قطعاً والصّحيح أَنَّها : كعِنَبَ ، لأنّ هاتين اللّغتين منقولتان عن ابن شُمَيل وابن الاعرابي في اللّسان والقاموس والتّاج : حِيَرَ الدَّهرِ وحاريَّ الدّهر.
(٤) عن معجم البلدان ٢ : ٣٢٨.