الموتى الّذين تعجَّب من إِحيائهِم.
( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً ) (١) أَي كُلِّفوا عِلْمَها والعملَ بها ثمّ لم يعملُوا بِها ؛ فكأَنَّهم لم يحمِلُوها ، شبَّهَ اليهودَ الطَّاعنينَ في نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ـ مع أَنّهم حَمَلَةُ التّوراةِ وحُفّاظُها العارفونَ بما فيها من نَعْتِ نبيِّ آخرِ الزّمانِ ـ بالحمارِ الحاملِ للأَسفار ؛ وهي الكُتبُ الكِبارُ ، لأَنَّه لا يدري منها إلاّ ما يمرُّ بجنبيهِ من الكدِّ والتَّعبِ.
( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) (٢) أَي انْقُصْ منهُ واخْفِضْهُ ولا تَرْفَعْهُ متطاولاً إنَّ أَوْحَشَ الأَصواتِ لصَوْتُ الحَمِيرِ ، وهو نُهَاقُها ، شبَّهَ الرَّافعينَ أَصواتِهم بالحميرِ وأَصواتِهم بنُهَاقها ، وأَخْلَى الكلامَ عن أَداه التَّشبيهِ وأَخرجه مخرجَ الاستعارةِ للمبالغة في ذمِّ رفعِ الصَّوتِ وتهجينِهِ والنَّهيِ عنهُ.
( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ) (٣) في « ن ف ر ».
الأثر
( بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ والأَسْوَدِ ) (٤) أَي العَجمِ والعربِ ، أَو الجنِّ والإِنْسِ ؛ لأَنّ الجنَّ مخلوقون من النَّارِ الحَمْرَاءِ ، والإِنسَ من التُّرابِ الأَسودِ.
( أُعْطيت الكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ ) (٥) أَراد كنوزَ كسرى من الذّهبِ والفضّةِ ، أَو أَرادَ بالاحمرِ كنوزَ الرُّوم لأنَّ الغالبَ على كنوزِهم (٦) الذَّهبُ ، وبالأَبيضِ كنوزَ الأكاسرةِ لأَنَّ الغالبَ على نقودِهِم الفضَّةُ.
__________________
(١) الجمعة : ٥.
(٢) لقمان : ١٩.
(٣) المدّثر : ٥٠.
(٤) الفائق ١ : ٣١٧ ، غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٢٤١ ، النّهاية ١ : ٤٣٧.
(٥) الفائق ١ : ٣١٧ ، مشارق الأنوار ١ : ٣٨٣ ، النّهاية ١ : ٤٣٨.
(٦) لو قال : على نقودهم ، لكان أنسب بما بعده ، ولَوافق ما في النّهاية.