تَجْتَذِبُ سائِرُ الأعْضاءِ حاجَتَها من الغِذاءِ.
( عَلَيْكُمْ بِاللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ ) (١) نِسْبَةُ إلى مَعَدِّ بنِ عَدْنانَ ، يُريدُ خُشُونَةَ اللِّباسِ وَتَرْكَ التَّنَعُّمِ فيهِ ، لَأَنَّهُم كانُوا أَهلَ خُشُونَةٍ فيهِ.
( اخْشَوْشِنُوا وَتَمَعْدَدُوا ) (٢) أي تَشَبَّهُوا بِمَعَدٍّ في قَشَفِهِم وَخُشُونَةِ عَيْشِهِم ، ودَعُوا زِيَّ العَجَمِ وتَنَعُّمَهُم وإيثارَهُم لِلِيانِ العَيْشِ. وقيلَ : مَعْناهُ كُونُوا غِلاظاً في أنفُسِكُم بحيثُ لا يَطْمَعُ أحَدٌ فيكم ؛ من تَمَعْدَدَ الغُلامُ ، إذا شَبَّ وغَلُظَ (٣).
وهذا الحديثُ مشهورٌ عن عُمَرَ على ما ذَكَرَهُ أبو عُبَيْدٍ في كتابِهِ (٤) ، وفَسَّرَهُ من غريبِ كلامِهِ ، وتَبِعَهُ عليه المفسِّرونَ للغريبِ كالزَّمخشرِيِّ والفارسيِّ وابْنِ الأثيرِ وغيرهم ، وهو من جُمْلَةِ كَلامٍ لهُ وصَّى بِهِ المسلِمينَ فَقالَ : ( فرِّقوا عَنِ المَنيَّةِ واجْعَلُوا الرَّأسَ رَأسَيْنِ ، ولا تُلِثُّوا بِدارِ مَعْجَزةِ ، وأصْلِحُوا مسَاويكُمْ ، وَأخيفُوا الهَوامَّ قَبْلَ أن تُخيفَكُمْ ، وَاخْشَوشِنُوا وَاخْشَوْشِبُوا وَتَمَعْدَدُوا ) (٥) وتفسير كُلّ من غريبِ ذلِكَ في مَحَلِّهِ.
وَقَد رُويَ ذَيْلُهُ عَنِ النَّبَيِّ صلىاللهعليهوآله بِتَقْديمِ ( تَمَعْدَدُوا ) عَلى ( اخْشَوْشِنُوا ) بالنّون والحاقِ جُملَةٍ أُخرى بِهِ ، رَوَى البَغَويُّ وابنُ شاهينَ وابنُ أبي شيبةَ والطَّبَرانيُّ من طَريقِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعيدِ بنِ أبي سَعيدٍ المَقْبَريِّ ، عن أبيهِ ، عن القَعْقاعِ بنِ أبي حَدْرَدٍ ، قالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلىاللهعليهوآله ، يَقُولُ : ( تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا وَامْشُوا حُفاةً ) (٦).
قال الطَّبَرانيُّ : لا يروى عن القَعْقاعِ
__________________
(١) الفائق ٣ : ١٠٦ ، النَّهاية ٤ : ٣٤٢.
(٢) الفائق ٣ : ١٠٦ ، النَّهاية ٤ : ٣٤٢ ، وفي « ج » : اخشَوْشبوا ، بالباء ، وكلاهما بمعنى واحد.
(٣) انظر غريب الحديث لأبي عبيد ٢ : ٦٩ ، والفائق ٣ : ١٠٦.
(٤) غريب الحديث ٢ : ٦٩.
(٥) غريب الحديث لابن سلاّم ٢ : ٦٩ ، الفائق ٣ : ١٠٦ ، النَّهاية ٤ : ٣٤٢.
(٦) انظر مصنف بن أبي شيبة ٥ : ٣٠٤ / ٢٦٣١٤ ، المعجم الكبير ٢٢ : ٣٥٣ / ٨٨٥ ، الإصابة ٢ : ٢٩٥.