ذات النحيين (١).
ولكن يردّه أنّه ذلك كان منه قبل الإسلام بعكاظ ، وقد جبّ الإسلام ما قبله ، وكيف يمكن صدور ذلك منه بعد الإسلام ، وهو معدود من فرسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وممّن شهد معه بدرا.
ويكشف عن تقواه وقوة ديانته ما رواه في الفقيه (٢) عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (٣) ، فقال : «نزلت في خوات بن جبير الأنصاري ، وكان مع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الخندق وهو صائم ، وأمسى على تلك الحال ، وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام ، فجاء خوات إلى أهله حين أمسى ، فقال : هل عندكم طعام؟ فقالوا : لا تنم حتى نصنع لك طعام ، فاتّكى فنام ، قالوا : لقد فعلت ، قال : نعم ، فبات على تلك الحال وأصبح ، ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه ، فمرّ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فلما رأى الذي به ، أخبره كيف كان أمره ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)».
فإنّ التزامه بما جرى عليه ، لا يكون إلاّ عن ديانة قويمة ، كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد اللآل في مجمع الأمثال لإبراهيم بن السيد علي الأحدب الطرابلسي الحنفي ٣٢٧/١.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٨١/٢ حديث ٣٦٢ ، والتهذيب ١٨٤/٤ حديث ٥١٢ ، والكافي ٩٨/٤ حديث ٤.
(٣) سورة البقرة (٢) : ١٨٧.