فإنک سترى امرأة بغیّة عثّة (۱) رنّة (۲) ، مهیّجة الأشرار، متسخة الأطمار یسمیها أهل هذه الکورة سمانة ؛ لغباوتها ،وتهتکها ، وقد أسندت مکان الرمح إلى نحرها قصباً ، وقد شدّت وقایة لها حمراء إلى طرفه مکان اللواء ، فهی تقود جیوش الغاغة (۳) ، وتسوق عساکر الطعام إلى قصر المأمون ومنازل قواده .
فصعدت السطح فلم أر إلا نفوساً تنتزع بالعصی ، وهامات ترضخ بالأحجار ، ولقد رأیت المأمون متدرّعاً قد برز من قصر شاهجان متوجهاً للهرب، فما شعرت إلا بشاجرد الحجّام قد رمى من بعض أعالی السطوح بلبنة ثقیلة فضرب بها رأس المأمون فأسقطت بیضته بعد أن شقت جلد هامته ، فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون : ویلک ، هذا أمیر المؤمنین ، فسمعت سمانة تقول : أسکت ، لا أم لک ، لیس هذا یوم التمیز والمحاباة ، ولا یـوم إنزال الناس على طبقاتهم ، فلو کان هذا أمیر المؤمنین لما سلّط ذکور الفجار على فروج الأبکار، وطرد المأمون وجنوده أسوأ طرد بعد إذلال واستخفاف شدید
(١) العثة والعثة : المرأة المحقورة الخاملة . ویقال للمرأة البذیّة : ما هى
لسان العرب ٢ : ١٦٧ - عثث
(۲) الرثّة : المرأة الحمقاء . الصحاح ۱ : ۲۸۳ - رثث .
إِلَّا عُنَّة
(۳) الغاغة من الناس : وهم الکثیر المختلطون . لسان العرب ۱٥ : ١٤۲ - غوی . (٤) أورده ابن شهر آشوب فی مناقب آل أبی طالب ٤ : ٣٧٤ ، ونقله المجلسی عن العیون فی بحار الأنوار ٤٩ : ٨٢- ٢/٨٤