فإن قال : فلِمَ جعل الصوم فی شهر رمضان خاصة دون سائر
الشهور ؟
قیل : لأن شهر رمضان هو الشهر الذی أنزل الله تعالى فیه القرآن ، وفیه فرق بین الحق والباطل ، کما قال الله عزّ وجلّ : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِی أُنزِلَ فِیهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَیِّنَتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (۱) وفیه نبی
محمد الله ، وفیه لیلة القدر التی هی خیر من ألف شهر، وفیها : یُفْرَقُ کُلٌّ أَمْرٍ حَکِیمٍ وهی رأس السنة ، یقدّر فیها ما یکون فی السنة من خیر أو شرّ ، أو مضرّة أو منفعة ، أو رزق أو أجل ، ولذلک سمیت لیلة القدر. فإن قال : فلِمَ أمروا بصوم شهر رمضان لا أقل من ذلک ولا أکثر ؟ قیل : لأنه قوة العبادة ، الذی (۳) یعمّ فیه (٤) القوی والضعیف ، وإنما أوجب الله الفرائض على أغلب الأشیاء وأعمّ القوى ، ثم رخص لأهل الضعف، ورغب أهل القوّة فى الفضل ، ولو کانوا یصلحون على أقل من ذلک لنقصهم، ولو احتاجوا إلى أکثر من ذلک لزادهم.
فإن قال : فلِمَ إذا حاضت المرأة لا تصوم ولا تصلى ؟ قیل : لأنها فی حد نجاسة فأحبّ الله أن لا تعبده إلا طاهراً ، ولأنه لا صوم لمن لا صلاة له .
فإن قال : فلِمَ صارت تقضی الصوم ولا تقضی الصلاة ؟
قیل : لعلل شتّى .
(۱) سورة البقرة ٢ : ١٨٥ (۲) سورة الدخان ٤:٤٤ .
(۳) فی «ک» والحجریة : (التی) .
(٤) فی المطبوع : ( فیها ) .