__________________
إحدى وأربعين ، دعاه فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : أمّا بعد ؛ فإنّ لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا .. إلى أن قال : ولست تاركا إيصاك بخصلة ، لا تتحمّ عن شتم عليّ [صلوات اللّه وسلامه عليه] وذمّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب على أصحاب عليّ [عليه السلام] والإقصاء لهم ، وترك الاستماع منهم ، وبإطراء شيعة عثمان ، والإدناء لهم ، والاستماع لهم .. إلى أن قال : وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهر ، وهو من أحسن الناس سيرة وأشده حبّا للعافية غير أنّه لا يدع ذمّ عليّ ، والوقوع فيه ، والعيب لقتلة عثمان ، واللعن لهم .. إلى أن قال : فكان حجر بن عديّ إذا سمع ذلك قال : بل إيّاكم فذمم اللّه ولعن! ثم قام فقال : إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول : كُونُوا قَوّٰامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدٰاءَ لِلّٰهِ [سورة النساء (٤) : ١٣٥] وأنا أشهد أنّ من تذمّون وتعيّرون لأحقّ بالفضل ، وإنّ من تزكّون وتطرون أولى بالذم ، فيقول المغيرة : يا حجر! لقد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالي عليك .. إلى أن قال : فلم يزل حتى كان في آخر إمارته ، قام المغيرة ، فقال في عليّ [عليه السلام] وعثمان كما كان يقول .. إلى أن قال : فقام حجر بن عديّ فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كلّ من كان في المسجد وخارجا منه ، وقال : إنّك لا تدري بمن تولع من هرمك! أيّها الإنسان مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا ، فإنّك قد حبستها عنّا ، وليس ذلك لك ، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك ، وقد أصبحت مولعا بذمّ أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين .. قال : فقام معه أكثر من ثلثي الناس يقولون : صدق ـ واللّه حجر ـ وبرّ .. إلى أن قال : فنزل المغيرة فدخل فاستأذن عليه قومه ، فأذن لهم ، فقالوا : علام تترك هذا الرجل يقول هذه المقالة .. إلى أن قال : لا احبّ أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم ، وسفك دمائهم .. فيسعدوا بذلك وأشقى ، ويعزّ في الدّنيا معاوية ويذلّ يوم القيامة المغيرة!! .. إلى أن قال : لمّا ولّى معاوية زيادا الكوفة صعد المنبر وقال في جملة كلامه : ثم ذكر عثمان وأصحابه فقرّظهم وذكر قتلته ولعنهم ، فقام حجر ففعل مثل الذي كان يفعل بالمغيرة .. إلى أن قال : وأيم اللّه لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم. وقال : ما أنا بشيء إن لم أمنع باحة الكوفة من حجر ، وأدعه نكالا لمن بعده ، ويل امّك يا حجر! .. وفي رواية اخرى : خطب زياد يوما في الجمعة ، فأطال الخطبة وأخّر الصلاة ، فقال له حجر بن عديّ : الصلاة ، فمضى في خطبته ، ثم قال : الصلاة ، فمضى في خطبته ، فلمّا خشي حجر الصلاة ، ضرب بيده إلى كف من الحصا وثار إلى الصلاة ، وثار الناس معه ، فلمّا رأى زياد ذلك نزل فصلّى