ولمّا بلغ فعل زياد بحجر إلى عائشة ، بعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية ، تقول : اللّه .. اللّه في حجر وأصحابه. فوجده عبد الرحمن قد قتل. فقال لمعاوية : أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه؟! ألا حبستهم في السجون ، وعرضتهم للطّاعون؟! قال : حين غاب عني مثلك من قومي. قال : واللّه لا تعدّ لك العرب حلما بعدها ولا رأيا ، قتلت قوما بعثت بهم أسارى من المسلمين. قال : فما أصنع؟ كتب إليّ زياد فيهم يشدّد أمرهم ، ويذكر أنّهم سيفتقون فتقا لا يرقع.
ولمّا قدم معاوية المدينة ، دخل على عائشة ، فكان أوّل ما قالت له في قتل حجر .. في كلام طويل ، فقال معاوية : دعيني وحجرا .. حتّى نلتقي عند ربّنا.! قال نافع : كان ابن عمر في السوق ، فنعى إليه حجر فأطلق حياته (١) وقام ، وقد غلبه النحيب.
وسئل محمّد بن سيرين ، عن الركعتين عند القتل ، فقال : صلاّهما خبيب وحجر ، وهما فاضلان.
وكان الحسن البصري يعظّم قتل حجر وأصحابه.
ولمّا بلغ الربيع بن زياد الحارثي ـ وكان عاملا لمعاوية على خراسان ـ قتل حجر ، دعا اللّه عزّ وجلّ وقال : اللّهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجّل. فلم يبرح من مجلسه حتّى مات.
وكان حجر في ألفين وخمسمائة من العطاء ، وكان قتله سنة إحدى وخمسين ، وقبره مشهور بعذراء (٢). وكان مجاب الدعوة ، أخرجه أبو عمر ،
__________________
(١) في الأصل : حبوته ، وهو الصحيح.
(٢) موقع عذراء ، قال في معجم البلدان ٩١/٤ عذراء ، بالفتح ، ثم السكون ، والمدّ ، وهو