__________________
ولا تحزن على ما أصابك ، واحتسب فيه الخير ، وارتقب فيه من اللّه أسنى الثواب. يا أخي! لا أرى الموت لي ولك إلاّ خيرا من البقاء ، فإنّه قد أضلّتنا فتن يتلو بعضها بعضها كقطع الليل المظلم ، قد انبعث من مركبها ، ووطئت في خطامها تشهر فيها السيوف ، وتنزل فيها الحتوف يقتل فيها من اطلع لها ، والتبس بها وركض فيها ، فأعزّ أهل ذلك الزمان أشدّهم عتوا ، وأذلّهم أتقاهم ، فأعاذنا اللّه وإياك من زمان هذه أهله ، لن أدع الدعاء لك ..
حذيفة والوضّاعون على لسانه
لا يخفى على النقيد الخبير ، والمتضلّع في الأحاديث الشريفة ورواتها أنّ دخلاء الإسلام ورواة السوء وعملاء السلطات الكافرة كانوا ـ لأغراضهم الخبيثة ، ومقاصدهم الاستعبادية ـ يتترّسون عن انحرافاتهم وضلالهم بما يضعونه ويختلقونه على لسان أمناء الأمّة وثقات الملّة ، ويا للأسف الشديد كانت تنطلي شعوذتهم وتدليسهم على بسطاء المسلمين ؛ لأنّها كانت تحكى عن لسان أعاظم الصحابة وثقاتهم مثل ما وضعوه على لسان حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل من أحاديث كثيرة ، وذلك لصحبته وجلالته واختصاصه بالمشرّع الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فمنها : ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده ٣٨٢/٥ بسنده : .. عن أبي وائل ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم أتى سباطة قوم فبال وهو قائم ، ثم دعاني بماء ، فأتيته فتوضأ ، ومسح على خفّيه ، وبعد هذه الرواية بست روايات ، قال بسنده : .. عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : بلغه أنّ أبا موسى كان يبول في قارورة ، ويقول : إنّ بني إسرائيل كانوا إذا أصاب أحدهم البول قرض مكانه ، قال حذيفة : وددت أن صاحبكم لا يشدّد هذا التشديد ، لقد رأيتني نتماشى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم فانتهينا إلى سباطة ، فقام يبول كما يبول أحدكم ، فذهبت اتنحى عنه ، فقال : ادنه فدنوت منه حتى كنت عند عقبه ..
أفلا يوجد في الامة الإسلامية من يحاسب هذا الراوي الخبيث بأنّه ممّا اتفق عليه العامّة والخاصة وتسالم عليه الفريقان بأنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم ير على نجو ، ولم يعثر عليه أحد عند قضاء حاجته .. ثم كيف يبول قائما مع أنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كره ذلك ، ثم إنّ الراوي يصرّح في روايته بأنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بال وتوضأ فأين التطهير عن البول ، فهل أنّ بول النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم طاهر؟