ويغير على سائر أعماله ، ولا يكفّ يده عن النساء والصبيان ، فمرّ بسر على وجهه حتّى انتهى إلى المدينة ، فقتل بها ناسا من أصحاب عليّ عليه السلام وأهل هواه ، وهدم بها دورا ، ومضى إلى مكّة وقتل نفرا من آل المهلّب ، ثمّ إلى السراة فقتل من وجد به من أصحابه ، وأتى نجران فقتل عبد اللّه بن عبد المدان الحارثيّ وابنه ، وكانا من أصحاب ابن عبّاس عامل عليّ [عليه السلام] ، ثمّ أتى اليمن وكان من قبل عليّ عليه السلام في اليمن عبيد اللّه بن العبّاس ، فهرب من بسر فوجد ولديه الصغيرين قثما وعبد الرحمن فقتلهما.
وقال الطبريّ (١) : أقام بالمدينة شهرا يستعرض الناس ليس أحد ممّن أعان على عثمان إلاّ قتله ، ووجد قوما من بني كعب وغلمانهم على بئر لهم فألقاهم فيها ، وسبى النساء من المسلمات من اليمن وباعهنّ في الأسواق.
فلعنة اللّه عليه ، وعلى من سوّل له ذلك.
وهو الّذي كشف عورته لعليّ عليه السلام ليحفظ نفسه (٢) ، كما فعل عمرو بن
________________
(١) تاريخ الطبريّ ١٧٦/٥ : وزعم الواقديّ أنّ داود بن حيّان حدّثه ، عن عطاء بن أبي مروان قال : أقام بسر بن أبي أرطاة بالمدينة شهرا يستعرض الناس ليس أحد ممّن يقال هذا أعان على عثمان .. إلاّ قتله.
(٢) أقول : اتّقاء النفس بكشف العورة للملإ ، خصيصة اختصّ بها الأنذال ، وسقطة الناس ، والتكرّم والإعراض عن النظر إلى عورات هؤلاء الأقزام خصيصة الأشراف ، وذوي النفوس الأبيّة ، فإذا كشف بسر بن أرطاة عن سوأته ، وأبرز عورته يتّقي بها عن نفسه ، فإنّما كشف عن دناءة أصله ، وخباثة أرومته ، وكيف لا وهو المعروف بمواقفه المشينة ، وأعماله المخزية ، وقد ذكر هذه المأثرة العظيمة ، والمكرمة الجليلة ، ابن عبد البرّ في الاستيعاب ٦٧/١ برقم ٢٠٣ لقائده معاوية بن أبي سفيان فقال : وكان بسر بن أرطاة من الأبطال الطغاة وكان مع معاوية بصفّين ، فأمره أن يلقى عليّا في القتال ، وقال له : سمعتك تتمنّى لقاءه ، فلو أظفرك اللّه به وصرعته حصلت على دنيا وآخره! ولم يزل به يشجّعه