وكان الأصمعي (١) يقول : لو لا أنّه يسبّ الخلفاء في شعره لقلت : أنّه سيّد الشعراء ، وكانت الأشراف والأمراء تبالغ في إكرامه ، حتى أنّ المنصور لعنه اللّه ـ مع اشتهاره بالنصب ـ عزل سوّار بن عبد اللّه عن القضاء لما ردّ شهادته وقذفه بالرفض (*).
_________________
أخاف أن تموت على مذهبك فتدخل النار ، فقد لهجت بعليّ وولده فلا دنيا ولا آخرة ، ولقد نغّصت عليّ مطعمي ومشربي ، وقد تركت الدخول إليها ، وقلت أنشد قصيدة منها :
لى أهل بيت ما لمن كان مؤمنا |
|
من الناس عنهم في الولاية مذهب |
وكم من شقيق لامني في هواهم |
|
وعاذلة هبّت بليل تؤنّب |
تقول ولم تقصد وتعتب ضلّة |
|
وآفة أخلاق النساء التعتّب |
وفارقت جيرانا وأهل مودّة |
|
ومن أنت منه حين تدعى وتنسب |
فأنت غريب فيهم متباعد |
|
كأنّك ممّا يتّقونك أجرب |
تعيبهم في دينهم وهم بما |
|
تدين به أزرى عليك وأعيب |
فقلت : دعيني لن أحبّر مدحة |
|
لغيرهم ما حجّ للّه أركب |
أتنهيني عن حبّ آل محمد؟! |
|
وحبّهم ممّا به أتقرّب |
وحبّهم مثل الصلاة وإنّه |
|
على الناس من بعد الصلاة لأوجب |
جاء في غير واحد من المصادر انظر : الغدير ٢٣٢/٢.
(١) في الأغاني ٥/٧ بسنده : .. قال : حدثني التوزي ، قال : قال لي الأصمعي : أحبّ أن تأتيني بشيء من شعر هذا الحميري ـ فعل اللّه به وفعل ـ فأتيته بشيء منه فقرأه ، فقال : قاتله اللّه ما أطبعه وأسلكه لسبيل الشعراء ، واللّه لو لا ما في شعره من سبّ السلف لما تقدّمه من طبقته أحد.
(*) قصّته مشهورة ذكرها أبو الفرج في كتابه الكبير. [منه (قدّس سرّه)].
في الأغاني ١٧/٧ قال : وبلغ السيّد أنّ سوارا قد أعدّ جماعة يشهدون عليه بالسرقة ليقطعه ، فشكاه إلى أبي جعفر ، فدعا بسوار ، وقال له : قد عزلتك عن الحكم للسيد أو عليه ، فما تعرّض له بسوء حتى مات.
وسوف نذكر بعض مواقف سوّار مع السيّد ليتّضح مدى بغض سوّار وأشياعه لآل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وشيعتهم.